للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دليل، فهو مذموم، ويكون من باب التحريف، وليس من باب التأويل.

وهذا الثاني هو الذي درج عليه أهل التحريف في صفات الله عز وجل.

مثاله قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]: ظاهر اللفظ أن الله تعالى استوى على العرش: استقر عليه، وعلا عليه، فإذا قال قائل: معنى {اسْتَوَى}: استولى على العرش، فنقول: هذا تأويل عندك لأنك صرفت اللفظ عن ظاهره، لكن هذا تحريف في الحقيقة، لأنه ما دل عليه دليل، بل الدليل على خلافه، كما سيأتي إن شاء الله.

فأما قوله تعالى {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: ١]، فمعنى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}، أي سيأتي أمر الله، فهذا مخالف لظاهر اللفظ لكن عليه دليل وهو قوله: {فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}.

وكذلك قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨]، أي: إذا أردت أن تقرأ، وليس المعني: إذا أكملت القراءة، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لأننا علمنا من السنة أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا أرد أن يقرأ، استعاذ بالله من الشيطان الرجيم (١)، لا إذا أكمل القراءة، فالتأويل


(١) لما رواه ابن أبي شيبة, والبيهقي في "سننه", كما في "الدر المنثور" عن جبير بن مطعم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل في الصلاة كبر ثم قال: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

<<  <  ج: ص:  >  >>