أتاك رجل صادق وقال: إن سيارة فلا صفتها كذا وكذا .. ووصفها تماماً، فتدرك الكيفية الآن.
ولهذا أيضاً قال بعض العلماء جواباً لطيفاً: إن معنى قولنا: "بدون تكييف": ليس معناه ألا نعتقد لها كيفية، بل نعتقد لها كيفية لكن المنفى علمنا بالكيفية لأن استواء الله على العرش لا شك أن له كيفية، لكن لا تعلم، نزوله إلى السماء الدنيا له كيفية، لكن لا تعلم، لأن ما من موجود إلا وله كيفية، لكنها قد تكون معلومة، وقد تكون مجهولة.
سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: ٥]: كيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علاه العرق، ثم رفع رأسه وقال:"الاستواء غير مجهول"، أي: من حيث المعنى معلوم، لأن اللغة العربية بين أيدينا، كل المواضع التي وردت فيها {اسْتَوَى} معداة بـ (على) معناها العلو فقال: "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول" لأن العقل لا يدرك الكيف، فإذا انتفى الدليل السمعي والعقلي عن الكيفية، وجب الكف عنها، "والإيمان به واجب"، لأن الله أخبر به عنه نفسه، فوجب تصديقه، "والسؤال عن بدعة"(١): السؤال عن الكيفية
(١) رواه اللالكائي في "شرح السنة" (٦٦٤)، والبيهقي في "الأسماء والصفات (٨٦٧)، وأبو نعيم في الحلية (٦/ ٣٢٥)، ورواه الدارمي في "الرد على الجهمية" (١٠٤)، وابن عبد البرفي "التمهيد" (٧/ ١٥١). قال ابن حجر "إسناده جيد" (الفتح: ١٣/ ٤٠٧). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد قول مالك: "وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك، وقد روي هذا الجواب عن أم سلمة رضي الله عنها موقوفاً ومرفوعاً، ولكن ليس في إسناده مما يعتمد عليه، وهكذا سائر قولهم يوافق مالك" "مجموع الفتاوى" (٥/ ٣٦٥).