١٠ - عرضت لموقفه من المذاهب النحوية المختلفة، وأثبت نزعته البصرية من كتابه، لكنَّه يقع في المقدمة منهم من حيث أصالته في آرائه وقدرته الفائقة على عرضها، فأصبح في منزلة شيوخ المدرسة الكبار كالخليل وسيبويه وأبي الحسن الأخفش والمازني.
وعن موقفه من المدرسة الكوفية تبيّن لي أنه يحمل إعجاباً واضحاً بأحمد بن يحيى (ثعلب) على النقيض من موقفه من شيخي الكوفيين، الكسائي والفراء، فنزعة ثعلب الكوفية لا تقلل من منزلته عند أبي علي في حين أن نزعة بعض البصريين لا تشفع لهم عنده ولا تمنعه من الرد عليهم مثل ما فعل مع الأصمعي والمبرد، وهذا دليل موضوعيته واخلاصه لنهجه اللغوي، وهو يقف موقفاً معارضاً من البغداديين.
١١ - تكلمت عن شخصية أبي علي اللغوية في الكتاب، وقد برزت كأقوى ما تكون بالنسبة لعالم كبير، فهو يناقش ويعلل ويحتج ثم يصدر أحكامه بإِيجاز واختصار وهو على دقة في التأليف، قليل التكرار فإِذا اضطر إلى ذلك نبه عليه.
١٢ - تتبعت في خاتمة البحث أثر التكملة فيما بعده من المصنِّفات، وظهر لي أن لها تأثيراً بالغاً؛ إذ بقي الناس يتدارسون الكتاب في مختلف الأقطار أكثر من ثلاثة قرون، ووجدت أن صاحب المخصص اقتبس ما يقارب الخمسة عشر باباً من التكملة ووضعها في المخصص دون أن يوضح سببًا لهذا الاقتباس الغريب، ولم أصل إلى أحد نبه على ذلك من القدماء أو المعارضين، مع الشهرة الواسعة للكتابين ومؤلفيهما.