للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان العبدي قد أدركه خمول في الأدب، ولم يحصل له من السمعة ما حصل لابن جني والربعي. وكان كثير الشكوى لكساد سوقه وسوق الأدب في زمانه. وقد ذكر ياقوت أن العبدي اختل عقله في آخر عمره (١). ولعل مرد ذلك ما تقدم من إخفاقه في الحصول على الشهرة كابن جني والربعي أو إلى جهده في سني حياته بالبحث والدراسة والتحصيل.

وقد اختلف في سنة وفاته فقد ذكر ياقوت أنها كانت يوم الخميس سنة ست وأربعمائة في خلافة القادر (٢). غير أن القفطي ذكر أنها كانت سنة عشرين وأربعمائة (٣) ولم أر غيره -فيما اطلعت عليه من المراجع- ذكر هذا، وهو بعيد الحدوث وبخاصة أنه لزم أستاذه الفارسي فترة طويلة، والفارسي أجمعت الروايات على أن وفاته سنة ٣٧٧ هـ، بل إن نسخة الأصل منقولة عن نسخة بخط العبدي نفسه سنة ٣٧٦ هـ.

والأرجح أن يكون ما ذكره ياقوت ومن تبعه عن تأريخ وفاته أكثر دقة وأقرب إلى التصديق.

إن هذه الملازمة الطويلة بين العبدي وشيخه أبي علي هي التي دفعتني لاعتماد النسخة المنقولة عن متنه أصلًا، ولا سيما أن الفارسي توفى سنة ٣٧٧ هـ وأصل العبدي مقروء عليه سنة ٣٧٦ هـ، كما هو مثبت في خاتمة الأصل، ومما يؤكد ذلك أيضًا أنه وردت في ص ١٥٥ من نسخة الأصل عبارة "قال الشيخ أيده الله"، وهي دليل آخر على أن نسخة الأصل نقلت عن نسخة العبدي التي دعا فيها لشيخه بهذا الدعاء، في حين أن هذه العبارة إما مبدلة


(١) معجم الأدباء ٢/ ٢٣٦.
(٢) المصدر السابق. وهذا التاريخ أيضًا في الصفحة الأولى من نسخة عاطف أفندي (ع) رقم ٢٤٤٤. انظر أيضًا بغية الوعاة ١٢٩.
(٣) إنباه الرواة ٢/ ٣٨٨.

<<  <   >  >>