للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجمعُ، كما أَن الجاملَ والباقرَ كالكاهلِ والغاربِ، والمرادُ بهما الكثرةُ وفي التنزيل ﴿سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ (١)، (فاستعمل) (٢) فاعلٌ منه (٣) أيضاً جمعاً. فأما قولُهم: أشْياءُ، في جمعِ شيءٍ (٤)، فكان القياسُ فيه شيئاءَ، ليكونَ كالطَّرْفاءِ. فاستثقلَ تَقَارُبَ الهمزتينِ، فأخَّرتْ (٥) الأولى، التي هي اللاّمُ إلى أولِ الحرف، كما غيروها بالإِبدال في ذوائبَ (٦) وبالحذفِ في سَوايةٍ (٧)، وإنْ لم تَكُنْ مُجْتَمِعةً مع مثلها ولا مُقاربةٍ (٨) لها فَصَارتْ أشياءُ كطَرْفاءَ وَوَزْنُهَا من الفِعْلِ (٩) لَفْعَاءُ.

والدّلالةُ على أنها اسْمٌ مفردٌ، ما رُوِيَ في تكسيرِهَا على "أشَاوَى" فكسَّروهَا كما كسَّروا صَحَارَي، حيث كانتْ مثلهَا في الإِفراد، والأصْلُ صحارِيُّ بياءينِ. الأولى منهما بَدَلٌ من الألفِ الأوُلى التي في صَحْرَاءَ، انقلبتْ ياءاً لسكونها وانكسارِ ما قبلَها، والياءُ الثانيةُ بَدَلٌ من ألفِ التأنيثِ التي كانتْ انقلبتْ همزةً لوقوعها طَرَفاً بعدَ ألفٍ زائدةٍ، فلما زالَ عنها هذا الوصفُ زالَ أنْ تكونَ همزةً. كما لو صَغَّرْتَ سَقَّاءاً لقلْتَ سُقِيقيَّ، فَقَلَبْتَ الهمزةَ المنقلبةَ عن اليَاءِ التي هي لامٌ، ياءاً. لزوالِ وقوعَها طَرَفاً، بعد


(١) آية ٧٦/ المؤمنون ٢٣. وقد وقع في ف: "مبكرا" بدل "سامرا" ولعل الناسخ أراد تمام الآية: "مستكبرين به سامرا تهجرون" ثم حدث تحريف وسقط.
(٢) الأصل، ف: "استعمل" وما أثبته أولى.
(٣) ف: فيه.
(٤) ف: "في أشياء": جمع شيء.
(٥) ع: "فقدمت" سهو.
(٦) الأصل فيها "ذآئب" بوزن ذعائب فلما اجتمع همزتان قلبوا إحداهما واواً.
(٧) الأصل فيها "سوائية" لأها فعالية من ساء كالطواعية من طاع فحذفوا الهمزة. وقصد أبي علي التدليل على حرصهم على إزالة الهمزة، فإذا استثقلت منفردة في سوائية كان استثقالها مع أخرى (في حالة أشياء) أولى. أنظر التصريف للمازني ٢/ ٩١.
(٨) غير ص، ف: ولا مقارب.
(٩) ف: "في الفعل".

<<  <   >  >>