للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدَّهْيَاءَ بالصّحْراءِ فقلبوا لامَها، كما قَلَبُوها في العَلْياءِ (١) حيثُ لم يُسْتَعْمَلْ له أَفْعَلُ. وقالوا: أَجْدَلُ وأخيلُ وأفْعَى، فلم يَصْرِفْ ذلكَ كُلَّهُ قومٌ في النكرةِ، كما لم يَصْرِفوا أَحْمَرَ. ولم تَجئْ لشيءٍ من ذلكَ فَعْلاءُ، قال: فما طائري فيها علبَكَ بأَخْيَلا (٢).

وربما استعملوا بعضَ هذهِ الصفاتِ استعمالَ الأسماءِ نحوَ أبْطَحٍ وأَبْرَق وأَجْرَعٍ (٣)، وَكَسَّروهُ تكسيرَ الأسماءِ فقالوا: أَجَارِعُ وأَباطحُ. وكذلكَ كانَ قياسُ فَعْلاءَ.

وقالوا: بَطْحَاءُ وبِطَاحٌ، وَبَرْقَاءُ (٤) وبِراقٌ، فَجَمَعُوا المؤَنَثَ على "فِعَالٍ" كما قالوا عَبْلةَ (٥) وعِبالٌ فَشَبَهُّوا الأَلفَ بالهاءِ (٦)، كما شَبَّهوا الكُبْرَى والكُبَرَ والعُلْيَا والعُلَى (بظُلْمَةٍ) (٧) وظُلَمٍ، وغُرْفَةٍ وغُرَفٍ، ولم يجعلوهَا كصَحَارَى. فأما أجْمَعُ وَجَمْعَاءُ، فَلَيْسَ من هذا البابِ، ومَنْ جَعَلَهُ منه، فقد أخْطَأَ. يَدُلُّكَ على ذلكَ جَمْعَهُمْ للمذكَّرِ منه بالواوِ والنونِ. وفي التَّنزيلِ:


(١) فسر الجرجاني في المقتضب (١٠٨ ظ) قول أبي علي هذا فقال: يعني أن الدهياء وإن كانت صفة كالخذواء، فإنه لما لم تستعمل له أفعل، قلب الواو لمشابهته الاسم نحو الصحراء.
(٢) عجز بيت لحسان بن ثابت وتمامه:
ذريني وعلمي بالأمور وشيمتي … فما طائري فيها عليك بأخيلا
والشاهد فيه قوله "بأخيل" وهو أفعل، نكرة، وليس له فعلاه، ولم يصرفه تشبيهاً بأفعل الذي له فعلاء نحو أحمر.
والأخيل: طائر أخضر يتشاءم به. ويقال له اشقراق.
ديوانه ص ٩٢ ومنسوب له في: القيسي ١٢٢ و، اللسان (خيل) ١٣/ ٢٤٣، الشواهد الكبرى ٤/ ٣٤٨. وغير منسوب في الاشتقاق ٢/ ٣٠٠، المخصص ١٥/ ٩٤ (عجزه).
(٣) ف: "وأبرع" تحريف.
(٤) الأبرق والبرقاء: غلظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة.
(٥) امرأة عبلة: تامة الخلق والجمع عبلات وعبال.
(٦) ص: بالتاء.
(٧) الأصل: كظلمة: تحريف.

<<  <   >  >>