للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال السمين الحلبي: "وقرأ ابن محيصن ومجاهد: (ومُهَيْمَنا) بفتح الميم الثانية على أنه اسمُ مفعول، بمعنى أنه حوفظ عليه من التبديل والتغيير، والفاعل هو الله - تعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩]، أو الحافظ له في كل بلد، حتى إنه إذا غُيِرت منه الحركةُ تنبَّه لها الناسُ، ورَدُّوا على قارئِها بالصواب، والضمير في {عَلَيْهِ} على هذه القراءة عائد على الكتاب الأول، وعلى القراءةِ المشهورة عائد على الكتاب الثاني.

وروى ابن أبي نَجيح (١) عن مجاهد قراءته بالفتح وقال: "معناه: محمد مُؤْتَمَنٌ على القرآن قال الطبري: "فعلى هذا يكون {وَمُهَيْمِنًا} حالاً من الكاف في {إِلَيْكَ} " (٢)، وطَعَن على هذا القول لوجود الواو في {وَمُهَيْمِنًا}؛ لأنها عطف على {مُصَدِّقًا} و {مُصَدِّقًا} حال من الكتاب لا حال من الكاف؛ إذ لو كان حالاً منها لكان التركيب: لما بين يديك؛ بالكاف".

ثم قال السمين: "وقال ابن عطية هنا بعد أن حكى قراءةَ مجاهد وتفسيرَه محمداً - عليه السلام- أنه أمين على القرآن: "قال الطبري: وقولُه (ومهيمناً) على هذا حالٌ من الكاف في قوله {إِلَيْكَ} قال: وهذا تأويلٌ بعيدٌ من المفهوم قال: "وغَلِط الطبري في هذه اللفظةِ على مجاهد، فإنه فَسَّر تأويلَه على قراءة الناس: {وَمُهَيْمِنًا} بكسر الميم الثانية فَبَعُدَ التأويل، ومجاهد - رحمه الله - إنما يقرأ هو وابن محيصن: (ومهيمَنا) بفتح الميم الثانية، فهو بناء اسم


(١) عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي نَجِيْحٍ يَسَارٍ الثَّقَفِيُّ المَكِّيُّ، أَبُو يَسَار، الإمام، الثقة، المفسر، روى عن جماعة من التابعين، قال عنه الذهبي: "هو مِن أخص الناس بمجاهد"اهـ، توفي سنة ١٣١ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (٦: ١٢٥)، طبقات المفسرين، للداوودي (١: ٢٥٨).
(٢) تفسير الطبري (١٠: ٣٨١).

<<  <   >  >>