للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثالث:

استدراكات السمين على ابن عطية في التفسير بالرأي.

[١]: قال ابنُ عطية في تفسيره لقوله - تعالى-: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: ١٦٤]: "والرِّياح جمع ريح، وجاءت في القرآن مجموعة مع الرحمة، مفردة مع العذاب، إلا في يونس في قوله - تعالى-: {وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس: ٢٢]، وهذا أغلب وقوعها في الكلام، وفي الحديث: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا هبت الريح يقول: (اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا) (١).

قال القاضي أبو محمد: وذلك لأنّ ريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء كأنها جسم واحد، وريح الرحمة لينة متقطعة؛ فلذلك هي رياح، وأفردت مع الفلك؛ لأنّ ريح إجراء السفن إنما هي واحدة متصلة، ثم وُصفت بالطيب فزال الاشتراك بينها وبين ريح العذاب". اهـ (٢)

قال السمينُ الحلبيّ مستدركًا على ابن عطية: "وهذا الذي قاله يَرُدُّه اختلافُ القراءِ في أحدَ عشر موضعاً يأتي تفصيلُها، وإنما الذي يقال: إنَّ الجمعَ لم يأتِ مع العذابِ أصلاً؛ وأمَّا المفردُ فجاء فيهما، ولذلك اختصَّها - عليه السلام- في دعائه بصيغة الجمع". اهـ (٣)


(١) رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده (٤: ٣٤١)، من مسند عبد الله بن عباس، ح (٢٤٥٦)، والطبراني في المعجم الكبير (١١: ٢١٣)، من رواية عكرمة عن ابن عباس، ح (١١٥٣٣). والحديث ضعيف ولا أصل له؛ قال أبو جعفر الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢: ٣٧٩): "لا أصل له" اهـ، وحكم الألباني على إسناده بالضعف. ينظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة، للألباني (٩: ٢٢٨).
(٢) المحرر الوجيز (١: ٢٣٣).
(٣) الدر المصون (٢: ٢٠٧).

<<  <   >  >>