للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال السمين الحلبي: "والحَرُوْرُ: شدةُ حَرِّ الشمس، وقال الزمخشري: "الحَرورُ: السَّمُوم، إلاَّ أنَّ السَّمومَ بالنهارِ، والحَرورَ فيه وفي الليل" اهـ (١)، قلت: وهذا مذهبُ الفراءِ وغيرِه.

وقيل: السَّمومُ بالنهار، والحَرورُ بالليل خاصةً، نقله ابنُ عطية عن رُؤبة، وقال: " ليس بصحيحٍ، بل الصحيحُ ما قاله الفراءُ" اهـ، وهذا عجيبٌ منه كيف يَرُدُّ على أصحاب اللسانِ بقولِ مَنْ يأخذُ عنهم؟ ". اهـ (٢)

[دراسة الاستدراك]

انتقد السمينُ الحلبي ابنَ عطية في رده لقول رُؤبة في الحرور والسموم، بحجة أن رُؤبة من أصحاب اللسان وشيوخ العربية الذين تُؤخذ عنهم اللغة؛ فكيف يرد عليه بقول مَن يأخذ عنه؟

وهذا الاستدراك ليس في محله؛ فابن عطية له أن يرجح القول الذي يراه صواباً، لاسيما وأن هذه المسألة ليس متفقًا عليها بين أهل اللغة متقدمهم ومتأخرهم، بل والجمهور على خلاف ما قاله رُؤبَة.

والجمهور أيضاً فرّقوا بين الحرور والسموم مِن ناحية زمنية، وبعضهم فرّق بينهما من جهة الشدة؛ فذهبوا إلى أن الحرور أشد السموم (٣).


(١) تفسير الزمخشري (٣: ٦٠٨).
(٢) الدر المصون (٩: ٢٢٤).
(٣) ينظر: كتاب الجيم، للشيباني (١: ١٥٨).

<<  <   >  >>