للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراجح أنّ قوله: {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ} هو جواب الشرط، ولا حاجة للقول بأنّ الجواب محذوف طالما جاء في ظاهر الآية ما يصلح أن يكون جواباً، فالإعراب الخالي من التقديرات أولى من الإعراب المشتمل على الحذف والتقدير.

وعليه: فاستدراك السمين على ابن عطية وارد، وأيضاً فإن القول بأنَّ الجواب محذوف والتقدير: امتثلوا ونحو ذلك، لا ضرورة تدعو إليه، فهذا المعنى مفهوم ومستفاد مِن قوله: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ} ... فهذه الجملة دلَّت على أنهم ارتحلوا ودخلوا من حيث أمرهم أبوهم وامثلوا لأمره وقضوا الغرض الذي في نفسه (١).

* * *

[٢١]: قال ابنُ عطية في معرض تفسيره لقوله - تعالى-: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [النحل: ١٥]: "قوله: {وَأَنْهَارًا} منصوب بفعل مضمر، تقديره: وجعل أو وخلق أنهارا.

قال القاضي أبو محمد: وإجماعهم على إضمار هذا الفعل دليل على خصوص لـ {أَلْقَى}، ولو كانت {أَلْقَى} بمعنى خلق لم يحتج إلى هذا الإضمار". اهـ (٢)


(١) قال ابن عاشور في التحرير والتنوير (١٣: ٢٤): " وقد أغنت جملة (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) عن جُملٍ كثيرة، وهي أنهم ارْتَحَلُوا ودخلوا من حيث أمرهم أبوهم، وَلَمَّا دخلوا من حيث أمرهم أبوهم سَلِمُوا مِمَّا كان يَخَافُهُ عليهم" اهـ.
(٢) المحرر الوجيز (٣: ٣٨٤).

<<  <   >  >>