للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

استدراكاته في إعراب القرآن

[١]: قال ابنُ عطية في معرِض تفسيره لقوله - تعالى-: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٣٠]: "وقولهم: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} قال بعض المتأولين: هو على جهة الاستفهام، كأنهم أرادوا: ونحن نسبحُ بحمدِكَ أم نتغير عن هذه الحال؟

قال القاضي أبو محمد: وهذا يحسن مع القول بالاستفهام المحض في قولهم: (أَتَجْعَلُ) ". اهـ (١)

وقال السمين الحلبي: "وأبعدَ مَن زعمَ أنَّ جملةَ قولِه: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} داخلةٌ في حَيِّزِ استفهامٍ مقدرٍ، تقديرُه: وأنحن نسبِّح أم نتغيَّر، واستحسنه ابن عطية مع القولِ بالاستفهام المحضِ في قولهم: (أَتَجْعَلُ)، وهذا يأباه الجمهورُ، أعني حذف همزة الاستفهام مِن غيرِ ذِكر (أم) المعادِلةِ، وهو رأيُ الأخفش (٢)، وجعلَ مِن ذلك قوله - تعالى-: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} [الشعراء: ٢٢] أي: وأتلك نعمةٌ".

ثم قال السمين: "فأمَّا مع (أمْ) فإنه جائزٌ؛ لدَلالتِها عليه، كقوله:

فوَ اللهِ ما أدري وإنْ كنتُ دارياً ... بسبْعٍ رَمَيْنَ الجمرَ أم بِثَمانِ (٣)

أي: أبسبعٍ". اهـ (٤)


(١) المحرر الوجيز (١: ١١٨).
(٢) ينظر: شرح الكافية الشافية، لابن مالك (٣: ١٢١٧)، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام (١: ١٩).
(٣) البيت لعمر بن أبي ربيعة، وهو في ديوانه (ص: ٢٧٣).
(٤) الدر المصون (١: ٢٥٨).

<<  <   >  >>