للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ضَعَّفَ ابنُ عطية كونَه نهياً: بأنه إذا كان خبراً فهو في موضعِ الصفةِ، وقولُه بعد ذلك: {تَنْزِيلٌ} صفةٌ، فإذا جعلناه نَهْياً كان أجنبياً معترضاً بين الصفاتِ وذلك لا يَحْسُن في رَصْفِ الكلامِ، فتدبَّرْه، وفي حرف ابن مسعود: (ما يمسُّه) " انتهى.

وليس فيما ذكرَه ضَعْفٌ لهذا القول؛ لأنَّا لا نُسَلِّم أنَّ {تَنْزِيلٌ} صفةٌ، بل هو خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو تنزيلٌ؛ فلا يَلْزَم ما ذَكرَه من الاعتراضِ، ولَئِنْ سَلَّمْنَا أنه صفةٌ ... فـ {لَا يَمَسُّهُ} صفةٌ أيضاً، فيُعْترض علينا: بأنه طلبٌ، فيُجاب: بأنه على إضمارِ القولِ أي: مقولٌ فيه: لا يمسُّه". اهـ (١)

[دراسة الاستدراك]

استبعدَ ابنُ عطية أن يكون قوله: {لَا يَمَسُّهُ} نهي، بينما لم يوافقه السمين في تضعيف هذا القول، ودافع عنه ووجّهه.

وهذه المسألة فيها تفصيل، وهي عبارة عن مسائل متداخلة ومرتبطة ببعضها البعض.

القول الأول في هذه المسألة، وهو قول الجمهور: أنّ {لَا يَمَسُّهُ} نفي، والضمير عائد على الكتاب الذي في السماء، والمطهرون هم الملائكة (٢).


(١) الدر المصون (١٠: ٢٢٤).
(٢) ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٥: ١١٦)، تفسير القرآن العزيز، لابن أبي زمنين (٤: ٣٤٤)، التفسير الوسيط، للواحدي (٤: ٢٣٩)، تفسير السمعاني (٥: ٣٥٩)، المحرر الوجيز (٥: ٢٥٢)، البيان في إعراب غريب القرآن، للأنباري (٢: ٣٤٨)، تفسير الفخر الرازي (٢٩: ٤٣٢)، التبيان في إعراب القرآن، لأبي البقاء (٢: ١٢٠٦)، تفسير البيضاوي (٥: ١٨٣)، تفسير ابن جزي (٢: ٣٣٩)، مدارج السالكين، لابن القيم (٢: ٣٩٠)، فتح القدير، للشوكاني (٥: ١٩٣)، التحرير والتنوير، لابن عاشور (٢٧: ٣٣٤)، تفسير العثيمين: الحجرات - الحديد (١: ٣٤٨)، التفسير المنير للزحيلي (٢٧: ٢٧٥).

<<  <   >  >>