الحمد لله الذي أنعم علينا بالقرآن العظيم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، جعله - تعالى- عبرة لمن اعتبر، وكفاية لمن تفكر في آياته وتدبر، وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، والصلاة والسلام على نبينا المختار، وعلى آله وصحبه الطيبين الأخيار، وعلى التابعين لهم بإحسان والمقتدين بهم في كل زمان.
أما بعد:
فإن علوم الدين الإسلامي هي أشرف العلوم وأنفعها، وقد تعددت هذه العلوم وتنوعت، وعلم التفسير هو أعلاها قدرًا وأسماها منزلة؛ لتعلقه بكلام الله - تعالى-، ونظرًا لأهمية علم التفسير ومنزلته صنف كثير من العلماء في هذا العلم، وتنوعت طرائقهم في التصنيف، وتعددت اهتماماتهم، وكان من هؤلاء العلماء: شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يوسف، المعروف بالسمين الحلبي، فقد صنف كتابه (الدر المصون في علوم الكتاب المكنون)، وركز فيه على الناحية اللغوية والإعرابية للقرآن الكريم، فهو من أبرز مراجع التفسير اللغوي وإعراب القرآن، كما اعتنى بتوجيه القراءات القرآنية صحيحها وشاذها.
وقد تعددت مصادره التفسيرية واللغوية في هذا الكتاب، لكنه لا يكتفي بالنقل عمن سبقه بل يناقش الأقوال ويرجح ويدلل، كل ذلك في أسلوب علمي مميز قائم على منهج منضبط.