للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا قراءةُ حفصٍ فتأويلُها أنه خَرَجَ إلى خطابِ الحاضرين بعد أَنْ أتمَّ قضيةَ أهلِ سَبأ، ويجوز أَنْ يكونَ التفاتاً على أنه نزَّل الغائبَ منزلةَ الحاضرِ فخاطبه مُلْتَفِتاً إليه.

وقال ابن عطية: "القراءةُ بياءِ الغَيْبة تعطي أن الآيةَ من كلامَ الهُدْهد، وبتاءِ الخطابِ تعطي أنها من خطابِ الله لأمةِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم"، وقد تقدَّم أنَّ الظاهر أنه من كلامِ الهدهد مطلقاً". اهـ (١)

[دراسة الاستدراك]

أولاً: توجيه قراءتي الكسائي وحفص والفرق بينهما:

قرأ الكسائي وحفص {مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} بالتاء فيهما.

فالكسائي قرأهما بالخطاب بناء على قراءته التي أمرهم فيها بالسجود وخاطبهم به (ألا يا اسجدوا): بتخفيف (ألا) تنبيه، و (يا) حرف نداء، و (اسجدوا) فعل أمر، والمعنى: ألا يا هؤلاء اسجدوا لله الذي يعلم ما تسرون وما تعلنون (٢).

قال السمين الحلبي: "وكان حَق الخَطِّ على هذه القراءةِ أن يكونَ (يا اسْجُدوا)، لكنَّ الصحابةَ أسقطُوا ألفَ (يا) وهمزةَ الوصلِ من (اسْجُدوا) خَطَّاً لَمَّا سَقَطا لفظاً، ووَصَلُوا


(١) الدر المصون (٨: ٦٠٥).
(٢) ويقف على (ألا يا) ثم يبتدئ (اسجدوا). ينظر: السبعة في القراءات، لابن مجاهد (ص: ٤٨٠)، معاني القراءات، للأزهري (٢: ٢٣٨)، تفسير السمرقندي (٢: ٥٧٩)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (٨: ٥٣٩٧)، الحجة للقراء السبعة، للفارسي (٥: ٣٨٥)، حجة القراءات، لابن زنجلة (ص: ٥٢٨)، التيسير في القراءات السبع، للداني (ص: ١٦٧)، تفسير الماوردي (٤: ٢٠٥)، تفسير البغوي (٣: ٥٠٠)، تفسير ابن كثير (٦: ١٨٧)، النشر في القراءات العشر، لابن الجزري (٢: ٣٣٧).::

<<  <   >  >>