للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣٥]: قال ابنُ عطية في معرض تفسيره لقوله - تعالى-: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢)} [الفلق]: " قوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} يَعُمُّ كُلَّ موجودٍ له شرٌ، وقرأ عمرو بن عبيد (١) وبعض المعتزلة القائلين بأن الله لم يخلق الشر: (مِن شرٍ ما خلق) (٢) على النفي، وهي قراءة مردودة مبنية على مذهب باطل؛ الله خالق كل شيء". اهـ (٣)

وقال السمين الحلبي: "قوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} متعلقٌ بـ (أعوذُ)، والعامَّةُ على إضافةِ (شَرِّ) إلى (ما)، وقرأ عمرو بن فائد (٤) بتنوينه.

وقال ابنُ عطية: " قرأ عمرو بن عبيد وبعضُ المعتزلة الذين يَرَوْن أنَّ اللَّهَ لم يَخْلُق الشرَّ: (مِنْ شَرٍ) بالتنوين (ما خلقَ) على النفي، وهي قراءةٌ مردودةٌ مبنيَّةٌ على مذهبٍ باطلٍ" انتهى.

ولا يتعيَّن أَنْ تكونَ (ما) نافيةً، بل يجوزُ أن تكونَ موصولةً بدلاً مِنْ (شر) على حذفِ مضافٍ، أي: من شَرٍ شَرِّ ما خَلَقَ، عَمَّم أولاً، ثم خَصَّص ثانياً.


(١) عَمْرو بن عُبَيْد بن بَاب البَصريّ، أبو عثمان، شيخ المعتزلة في عصره، وأحد الزهّاد المشهورين، روى القراءات عن الحسن البصري وسمع منه، توفي سنة ١٤٤ هـ. ينظر: تاريخ بغداد، للبغدادي (١٤: ٦٣)، ميزان الاعتدال، للذهبي (٣: ٢٧٣)، غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري (١: ٦٠٢).
(٢) قرأ الجمهور (مِن شرِّ ما) بإضافة (شرِّ) إلى (ما)، وقرأ أبو هريرة وأبو حنيفة وعمرو بن عبيد وعمرو بن فائد (من شرٍ ما خلق) بالتنوين. ينظر: مختصر شواذ القرآن، لابن خالويه (ص: ١٨٣)، مشكل إعراب القرآن، لمكي بن أبي طالب (٢: ٦١٥)، كشف المشكلات في إعراب القرآن وعلل القراءات، للباقولي (ص: ٩١٢)، البيان في إعراب غريب القرآن، للأنباري (٢: ٤٦٤)، التبيان في إعراب القرآن، لأبي البقاء (٢: ١٣١٠)، تفسير أبي حيان (١٠: ٥٧٥)، فتح القدير، للشوكاني (٥: ٦٣٩).
(٣) المحرر الوجيز (٥: ٥٣٨).
(٤) عَمرو بن فائِد الأُسْواري البَصْريّ، أبو عليّ، وردت عنه الرواية في حروف القرآن، أخذ عن عمرو بن عبيد، وقد ضعّفه علماء الجرح والتعديل، توفي سنة ٢٠٠ هـ. ينظر: ميزان الاعتدال، للذهبي (٣: ٢٨٣)، غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري (١: ٦٠٢)، لسان الميزان، لابن حجر (٤: ٣٧٢).

<<  <   >  >>