للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢]: قال ابن عطية عند حديثه عن القراءات الواردة في قوله - تعالى-: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤]: "وقرأ ابن عباس (يَطَّيَّقونه) (١) بفتح الياء وشد الطاء وشد الياء المفتوحة، بمعنى يتكلفونه"، ثم قال: "وتشديد الياء في هذه اللفظة ضعيف". اهـ (٢)

قال السمين مستدركاً ومدافعاً عن هذه القراءة: "وقد رَدَّ بعضُ الناس هذه القراءةَ، وقال ابن عطية: " تشديدُ الياء في هذه اللفظةِ ضعيفٌ "، وإنما قالوا ببُطلانِ هذه القراءةِ لأنها عندهم من ذوات الواوِ وهو الطَّوْق، فمن أين تَجِيءُ الياءُ؟ وهذه القراءةُ ليست باطلةً ولا ضعيفةً، ولها تخريجٌ حسنٌ: وهو أنَّ هذه القراءةَ ليست مِنْ تَفَعَّل حتى يلزمَ ما قالوه من الإشكال، وإنما هي من تَفَيْعَل، والأصلُ: تَطَيْوَق من الطَّوْقِ، كتَدَيَّر وتَحَيَّر من الدَّوَران والحَوْر، والأصلُ: تَدَيْوَر وتَحَيْوَرَ، فاجتمعت الياءُ والواوُ، وسبقت إحداهما بالسكونِ فقلبت الواوُ ياءً، وأدغمت الياءُ في الياءِ، فكان الأصلُ: يَتَطَيْوَقُونه، ثم أُدغمَ بعد القلبِ، فمَن قرأه (يَطَّيَّقونه) بفتح الياءِ بناه للفاعل، ومَن ضَمَّها بناه للمفعول.

وتحتمل قراءةُ التشديد في الواوِ أو الياءِ أن تكونَ للتكلفِ، أي: يتكلَّفون إطاقتَه، وذلك مجازٌ من الطوقِ الذي هو القلادَةُ، كأنه بمنزلةِ القلادةِ في أعناقهم". اهـ (٣)


(١) قراءة شاذة، منسوبة لابن عباس، وفي رواية أخرى: (يُطَّيَّقونه) بضم ياء المضارعة على البناء للمفعول. ينظر: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات، لابن جني (١: ١١٨)، تفسير القرطبي (٢: ٢٨٧)، تفسير أبي حيان (٢: ١٨٨)، فتح القدير، للشوكاني (١: ٢٠٨).
(٢) المحرر الوجيز (١: ٢٥٢).
(٣) الدر المصون (٢: ٢٧٣).

<<  <   >  >>