للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن يبقى كونه تمييز هو الوجه الأظهر والأقوى، ومما يقوي أنه تمييز لا حال: كونه نكرة، غير مشتق، والحال يأتي غالباً مشتق مبيِّن للهيئات كما تقرر في علم النحو (١).

وأيضًا فإنّ { ... مَثَلًا} هنا انتصب على التمييز مِن فاعِل {يَسْتَوِيَانِ} (٢)، والفاعل ذاتٌ لا هيئة.

علمًا بأنّ الوجه الذي جوّزه ابنُ عطية هنا لم يجوزه في مواضع أخرى مشابهة، كما في قوله - تعالى-: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [الزمر: ٢٩] حيث ذكرَ وجهًا واحدًا في إعراب (مَثَلًا) وهو النصب على التمييز (٣).

* * *

[١٧]: قال ابنُ عطية في معرض تفسيره لقوله - تعالى-: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} [هود: ١٠٣]: "المعنى: أن في هذه القرى وما حلَّ بها لعبرة وعلامة اهتداء لمن خاف أمر الآخرة، وتوقع أن يناله عذابها فنظر وتأمل، فإن نظره يؤديه إلى الإيمان بالله - تعالى-، ثم عظّم الله أمر يوم القيامة بوصفه بما تلبس بأجنبي


(١) ينظر: اللمحة في شرح الملحة، لابن الصائغ (١: ٤٠١)، توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، للمرادي (٢: ٦٩٢)، شرح قطر الندى وبل الصدى، لابن هشام (١: ٢٣٨)، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (٢: ٢٨٦).
(٢) ينظر: فتح القدير، للشوكاني (٢: ٥٥٨).
(٣) ينظر: المحرر الوجيز (٤: ٥٣٠).

<<  <   >  >>