للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجوعه عن هذه القراءة دليل على أنه وَهِمَ فيها، وعليه: فقول ابن عطية بأن رواية ابن أبي بزة وهمٌ منه قول صحيح، ونَفْيُ السمين لذلك الوهم ليس في محله.

* * *

[٣٣]: قال ابن عطية في معرض تفسيره لقوله - تعالى-: {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: ٢٩]: "وقرأ الجمهور (١): الرَّشادِ مصدر رَشَدَ، وفي قراءة معاذ بن جبل: (سبيل الرشّاد) بشد الشين".

ثم قال: "قال أبو حاتم (٢): كان معاذ بن جبل يفسرها: سبيل الله (٣).


(١) قراءة الجماعة (الرشَاد) بتخفيف الشين، وقرأ معاذ بن جبل-رضي الله عنه- والحسن (الرشّاد) بتشديد الشين، وهو مبالغة من الفعل (رشَدَ) فهو مثل (عبّاد) من (عبد) أي كثير الرشد، ثم منهم مَن جعل قراءة معاذ-رضي الله عنه- هذه في الحرف الأول الذي هو من قول فرعون {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: ٢٩]، ومنهم من جعلها في الحرف الثاني الذي هو من قول المؤمن {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: ٣٨]. ينظر: معاني القرآن، للنحاس (٦: ٢١٨)، مختصر شواذ القرآن، لابن خالويه (ص: ١٣٣)، تفسير السمرقندي (٣: ٢٠٤)، المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها، لابن جني (٢: ٢٤١)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (١٠: ٦٤٢٤)، الكامل، لابن جبارة (ص: ٦٣١)، تفسير السمعاني (٥: ١٨)، تفسير الزمخشري (٤: ١٦٤)، تفسير القرطبي (١٥: ٣١٦)، تفسير أبي حيان (٩: ٢٥٩)، فتح القدير، للشوكاني (٤: ٥٦٢، ٥٦٥).
(٢) سَهْل بن محمد بن عثمان السِّجِسْتَانِيّ البَصْرِيّ، أبو حاتِم، الإمام، العلاّمة، المقرئ، اللغويّ، النحويّ، إمام البصرة في النحو والقراءة واللغة والعَروض، قال عنه ابن الجزري: "أحسبه أول من صنّف في القراءات"اهـ، له تصانيف كثيرة، منها: (اختلاف المصاحف) و (الأضداد) و (المقصور والممدود)، توفي سنة ٢٤٨ وقيل: ٢٥٠ وقيل: ٢٥٥ هـ. ينظر: نزهة الألباء في طبقات الأدباء، للأنباري (ص: ١٤٥)، وفيات الأعيان، لابن خلكان (٢: ٤٣٠)، معرفة القراء الكبار، للذهبي (ص: ١٢٨)، غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري (١: ٣٢٠).
(٣) لم أجد ذلك في كتب أبي حاتم المطبوعة، ولعله في كتبه التي لم تزل مخطوطة أو مفقودة.::

<<  <   >  >>