وقال السمين الحلبي:"قوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ}: في هذا الموصولِ وجهان، أحدُهما: أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ، أو منصوبٌ بإضمار «أمدح»، وهو على هذين التقديرين مِن كلام الله -تعالى- لا مِن كلام موسى، وإنما احْتجنا إلى ذلك لأنَّ قولَه:{فَأَخْرَجْنَا بِهِ}، وقوله:{كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ}[طه: ٥٤]، وقولَه:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ}[طه: ٥٥] إلى قولِه: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ}[طه: ٥٦] لا يَتَأتَّى أن يكونَ مِن كلام موسى؛ فلذلك جعلناه من كلام الباري - تعالى-".
ثم قال في الوجه الثاني:"وقال ابن عطية: إن كلامَ موسى تمَّ عند قوله: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}، وإنَّ قولَه:{فَأَخْرَجْنَا} إلى آخره مِنْ كلام الله - تعالى-. اهـ، وفيه بُعْدٌ ". اهـ (١)
[دراسة الاستدراك]
في قوله - تعالى-: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} تعددت أقوال المفسرين؛ هل هذا كله من تمام كلام موسى - عليه السلام- أم أنّ كلام موسى ينتهي عند قدر معين؟
للمفسرين في ذلك ثلاثة أقوال رئيسة:
١ - أنّ كلام موسى - عليه السلام- قد تمّ عند قوله:{لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}[طه: ٥٢]، وما بعده مِن كلام الله -تعالى-.