للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما قاله السمين موافق لما تقرر في اللغة؛ فإن الجملة المعترضة لها أغراض، ومِن أبرز فوائدها: التأكيد والتنبيه على تعظيم معنىً ما في جملةٍ مِن الجُمَل (١).

فقوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ} اعتراض قُصد به تحقيق وتأكيد مضمون الجملة القَسَميّة (٢).

قال ابنُ هشام: "وأمّا قول ابن عطية: ليس فيها إلا اعتراض واحد وهو {لَوْ تَعْلَمُونَ} لأنّ {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} توكيد لا اعتراض فمردود؛ لأنّ التوكيد والاعتراض لا يتنافيان". اهـ (٣)

وعليه: فاستدراك السمين على ابن عطية في محله، إلا أن الخلاف بين قول ابن عطية وقول الجمهور، هو خلاف لفظي ولا خلاف بينهما في المضمون؛ فعلى كلا القولين جملة: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} قُصد بها التأكيد والتعظيم

* * *

[٣٢]: قال ابنُ عطية في معرض تفسيره لقوله - تعالى-: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٠)} [الواقعة]: "القول بأن {لَا يَمَسُّهُ} نهي قولٌ فيه ضعف؛ وذلك أنّه إذا كان خبرًا فهو في موضع الصفة، وقوله بعد ذلك: {تَنْزِيلٌ}: صفة أيضًا، فإذا جعلناه نهيًا جاء معنى أجنبيًا معترضًا بين الصفات، وذلك لا يحسن في رصف الكلام، فتدبّره.


(١) ينظر: الخصائص، لابن جنّي (١: ٣٣٦)، التطبيق النحوي، لعبده الراجحي (ص: ٣٥٠).
(٢) ينظر: تفسير ابن جزي (٢: ٣٣٩)، البرهان في علوم القرآن، للزركشي (٣: ٥٨)، تفسير أبي السعود (٨: ١٩٩)، التفسير المنير، للزحيلي (٢٧: ٢٧٥)
(٣) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (١: ٥١١).

<<  <   >  >>