للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حرف ابن مسعود: (ما يمسه) (١)، وهذا يقوي ما رجحته من الخبر الذي معناه: حقّه وقدره أن لا يمسه إلا طاهر". اهـ (٢)

وقال السمينُ الحلبيّ: "قوله: {لَا يَمَسُّهُ}: في {لا} هذه وجهان، أحدهما: أنها نافيةٌ فالضمةُ في {لَا يَمَسُّهُ} ضمةُ إعرابٍ، وعلى هذا القولِ ففي الجملةِ وجهان، أحدهما: أنَّ محلَّها الجرُّ صفةً لـ {كِتَاب} والمرادُ بـ {كِتَاب}: إمَّا اللوحُ المحفوظُ، و {الْمُطَهَّرُونَ} حينئذٍ الملائكةُ، أو المرادُ به المصاحف، والمرادُ بالمُطهَّرين المكلَّفون كلُّهم.

والثاني: أن محلَّها الرفعُ صفةً لقرآنِ، والمرادُ بالمطهَّرينِ الملائكةُ فقط أي: لا يَطَّلع عليه أو لا يَمَسُّ لَوْحَه. لا بُدَّ من أحد هَذَيْن التجوُّزَيْن؛ لأن نسبةَ المسِّ إلى المعاني حقيقةً متعذَّرٌ.

ويؤيِّد كونَ هذه نفياً قراءةُ عبد الله: (ما يَمَسُّه) بـ (ما) النافيةِ.

والثاني من الوجهين الأوَّلَيْن: أنها ناهيةٌ، والفعلُ بعدها مجزومٌ؛ لأنه لو فُكَّ عن الإِدغامِ لظهر ذلك فيه كقولِه: {لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: ١٧٤] ولكنه أَدْغم، ولَمَّا أُدْغِمَ حُرِّك آخرُه بالضمِّ لأجلِ هاء ضميرِ المذكرِ الغائب".

ثم قال السمين: "وبهذا الذي ذكرْتُه يظهر فسادُ رَدِّ مَنْ رَدَّ: بأنَّ هذا لو كان نَهْياً لكان يُقال: (لا يَمَسَّه) بالفتح؛ لأنه خَفي عليه جوازُ ضَمِّ ما قبل الهاءِ في هذا النحوِ، لا سيما على رأيِ سيبويه فإنه لا يُجيز غيرَه (٣).


(١) قراءة الجماعة: (لا يمسُّه)، وقرأ ابنُ مسعود: (ما يمسُّه). ينظر: تفسير الطبري (٢٣: ١٥٢)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (١١: ٧٢٩٢)، المحرر الوجيز (٥: ٢٥٢)، تفسير أبي حيان (١٠: ٩٣)، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، للسيوطي (٨: ٢٦).
(٢) المحرر الوجيز (٥: ٢٥٢).
(٣) ينظر: الكتاب، لسيبويه (٢: ٢٦٥).

<<  <   >  >>