للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١٤]: قال ابنُ عطية في معرض تفسيره لقوله - تعالى-: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: ١٤٢]: {أَرْبَعِينَ} في هذه الآية في موضع الحال، ويصح أن تكون {أَرْبَعِينَ} ظرفًا مِن حيث هي عدد أزمنة". اهـ (١)

وقال السمين الحلبي: "وفي نصب {أَرْبَعِينَ} أوجهٌ، أحدها: أنه حال، قال الزمخشري: " {أَرْبَعِينَ} نصب على الحال، أي: تَمَّ بالغاً هذا العدد". اهـ (٢)

قال الشيخ: "فعلى هذا لا تكونُ الحال {أَرْبَعِينَ}، بل الحالُ هذا المحذوفُ فيُنافى قوله". اهـ (٣)

قلت: لا تنافي فيه؛ لأن النحاة لم يزالوا ينسبون الحكم للمعمول الباقي بعد حَذْف عامله المنوبِ عنه، وله شواهد منها: «زيد في الدار أو عندك» فيقولون: الجارُّ والظرف خبر، والخبر في الحقيقة إنما هو الحَدَثُ المقدَّر العاملُ فيهما، وكذا يقولون: «جاء زيد بثيابه»، «بثيابه» حال، والحال إنما هو العامل فيه، إلى غير ذلك.

وقدَّره الفارسي بـ (معدودًا) قال: "كقولك: «تمَّ القوم عشرين رجلاً» أي: معدودين هذا العدد" اهـ (٤)، وهو تقديرٌ حسن.

الثاني: أن ينتصب {أَرْبَعِينَ} على المفعول به، قال أبو البقاء: "لأنَّ معناه: بلغ، فهو كقولهم: بَلَغَتْ أرضك جَرِيبَيْن (٥) " اهـ (٦)، أي يُضَمِّن (تَمَّ) معنى (بلغ).


(١) المحرر الوجيز (٢: ٤٤٩).
(٢) تفسير الزمخشري (٢: ١٥١).
(٣) تفسير أبي حيان (٥: ١٦١).
(٤) لم أجد هذا القول في كتب الفارسي المطبوعة.
(٥) الْجَريبُ من الأرْض مِقدارٌ معلوم الذرع والمساحة، وهو عَشَرةُ أَقْفِزَة. ينظر: تهذيب اللغة، للأزهري، مادة: جرب (١١: ٣٧)، تاج العروس، للزبيدي، مادة: جرب (٢: ١٤٧).
(٦) التبيان في إعراب القرآن (١: ٥٩٣).

<<  <   >  >>