للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثالثة: أن يكون الفاصل قسماً؛ كقولهم: "هذا غلام -والله- زيد" (١).

قال ابن الجزري: "الصواب جواز مثل هذا الفصل، وهو الفصل بين المصدر وفاعله المضاف إليه بالمفعول في الفصيح الشائع الذائع اختياراً، ولا يختص ذلك بضرورة الشعر، ويكفي في ذلك دليلاً هذه القراءة الصحيحة المشهورة التي بلغت التواتر كيف وقارئها ابن عامر من كبار التابعين الذين أخذوا عن الصحابة" (٢).

ثم قال: "ولم يبلغنا عن أحد من السلف - رضي الله عنهم- على اختلاف مذاهبهم وتباين لغاتهم وشدة ورعهم أنه أنكر على ابن عامر شيئاً من قراءته، ولا طعن فيها، ولا أشار إليها بضعف، ولقد كان الناس بدمشق وسائر بلاد الشام حتى الجزيرة الفراتية (٣) وأعمالها لا يأخذون إلا بقراءة ابن عامر، ولازال الأمر كذلك إلى حدود الخمسمائة، وأول من نعلمه أنكر هذه القراءة وغيرها من القراءة الصحيحة وركب هذا المحذور ابن جرير الطبري بعد الثلاثمائة، وقد عُدَّ ذلك من سقطات ابن جرير". اهـ (٤)

قال الشهاب الخفاجي (٥): "وكلام الله أحق أن تجرى عليه القواعد، وترجع إليه لا أن يرجع إلى غيره، والعجب ممن أثبت تلك القواعد برواية واحد عن جاهليّ من العرب، فإذا جاء إلى النظم توقف في الإثبات به". اهـ (٦)


(١) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك (٣: ١٥٢ - ١٥٦).
(٢) النشر في القراءات العشر (٢: ٢٦٣).
(٣) منطقة بين دجلة والفرات، تشمل أجزاءً من العراق والشام. ينظر: معجم البلدان، لياقوت الحموي (٢: ١٣٤).
(٤) النشر في القراءات العشر (٢: ٢٦٤).
(٥) أحمد بن محمد بن عمر الْخَفَاجي المصري، شهاب الدين، قاضي القضاة، الحنفي، وصاحب التصانيف في الأدب واللغة، من مصنفاته: (عناية القاضي وكفاية الراضي) وهو حاشية على تفسير البيضاوي، و (ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا) ترجم فيه لشعراء عصره، توفي سنة ١٠٦٩ هـ. ينظر: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، لمحمد المحبي (١: ٣٣١)، الأعلام، للزركلي (١: ٢٣٨).
(٦) حاشية الشهاب علي تفسير البيضاوي: عناية القاضي وكفاية الراضي (٤: ١٢٧).

<<  <   >  >>