للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورَدَّ هذا التغليط وصحَّح هذه الرواية لغةً عددٌ من العلماء، منهم: أبو حيان (١)، والسمين (٢)، والشهاب الخفاجي (٣).

ووجهها في اللغة: أنّ الشَّرطَ والجزاء يجوز أن يأتي بعدهما المضارعُ منصوبًا بإضمار (أَن) بعدَ الفاءِ، كقراءة مَنْ قرأ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ} [البقرة: ٢٨٤] بنصب: (فيغفرَ)؛ بإضمار (أن) بعد الفاء، ولا فرقَ في ذلك بين أن تكون أداة الشرط جازمةً أو غيرَ جازمة (٤).

فالسمين الحلبي ردّ على ابن عطية بهذا الوجه، وهو صحيح في العربية، إلا أنه لا يمكن الجزم بأن تغليط ابن عطية كان من جهة اللغة، فربما قصد أنها غلط من جهة الرواية، وهو الأظهر؛ حيث قال: "وهي غلط من هبيرة" اهـ (٥)، ولم يتعرض للنحو أو ينكر فتح الياء لغةً.

والفارسي هو الذي غلطها روايةً ولغةً، أما تغليط ابن عطية فيحتمل الوجهين، فإن كان تغليطه من ناحية الرواية فهذا صحيح؛ إذ هي قراءة شاذة ولا تصح عن حفص عن عاصم، أما إن كان التغليط من ناحية اللغة فاستدراك السمين عليه وارد؛ إذ أن هذه القراءة لها وجه صحيح في اللغة وليست بغلط.

* * *


(١) ينظر: تفسير أبي حيان (٦: ٣٣٦).
(٢) ينظر: الدر المصون (٦: ٥٦٧).
(٣) ينظر: حاشية الشهاب علي تفسير البيضاوي (٥: ٢١٢).
(٤) ينظر: معانى القرآن، للأخفش (١: ٦٧)، المقتضب، للمبرد (٢: ٢٢)، علل النحو، لابن الوراق (ص: ٤٣٠)، اللمع في العربية، لابن جني (ص: ١٢٨)، تفسير ابن عطية (١: ٣٩٠)، تفسير أبي حيان (٦: ٣٣٦)، فتح القدير، للشوكاني (١: ٣٥١).
(٥) المحرر الوجيز (٣: ٢٨٩).

<<  <   >  >>