للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الأخفش: " {يَسُومُونَكُمْ} في موضع رفع، وإن شئت جعلتَه في موضع نصب على الحال، كأنه يقول: وإذ نَجَّيْناكُم من آلِ فرعَون سائِمين لكم، والرفع على الابتداء". اهـ (١)

وقال الطبري: "وفي قوله: {يَسُومُونَكُمْ} وجهان من التأويل، أحدهما: أن يكون خبرًا مستأنفًا عن فعل فرعون ببني إسرائيل، فيكون معناه حينئذ: واذكروا نعمتي عليكم إذ نجيتكم من آل فرعون، وكانوا من قبل يسومونكم سوء العذاب.

وإذا كان ذلك تأويله كان موضع {يَسُومُونَكُمْ} رفعًا.

والوجه الثاني: أن يكون {يَسُومُونَكُمْ} حالاً، فيكون تأويله حينئذ: وإذ نجيناكم من آل فرعون سائميكم سوء العذاب، فيكون حالاً من آل فرعون". اهـ (٢)

وكلا الوجهين جائز، إلا أنّ جعْل الجملة في موضع نصب على الحال هو الأقرب من ناحية المعنى والتفسير، فإن هذه الآية وما بعدها هي في بيان فضل الله ونعمته على بني إسرائيل، ومِن فضله عليهم: أن نجاهم من آل فرعون، والآيات في تفصيل نعم الله عليهم، فالأَولى أن يكون قوله: {يَسُومُونَكُمْ} حال مِن آل فرعون يحصل بها بيان ما وقع الإنجاء منه، وهو العذاب الشديد الذي وقع لبني إسرائيل مِن آل فرعون (٣).

وعليه: فاستدراك السمين على ابن عطية وارد؛ لأن جعْلها حالاً مفسِّرة متصلة بما قبلها أولى مِن جعْلِها جملة مستأنفة.

* * *


(١) معاني القرآن (١: ٩٧).
(٢) تفسير الطبري (٢: ٣٩).
(٣) ينظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (١: ٤٩٢).

<<  <   >  >>