للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشوكاني: "قوله: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} عُطِفَ على مُقَدَّر، أي: أَلَمْ تعلم، ولم تُؤمن بأنّي قادرٌ على الإحياء حتى تسألني إِرَاءَتَهُ؟ قال: بَلى علمتُ وآمنتُ بأنّك قادرٌ على ذلك، ولكن سألتُ ليطمئن قلبي". اهـ (١)

ومنهم مَن قال بأن العطف على ما سبق، والهمزة للاستفهام وأصل محلها بعد الواو، أي: وَألم تُؤمن؟ (٢)

والراجح من هذه الأقوال: أنّ الواو عاطفة، والعطف على ما سبق أولى مِن العطف على مُقدر، فقد يُقدر أحدهم فعلاً ليس هو المراد (٣)، ثم إن العلماء يختلفون في تقدير ذلك الفعل؛ إذ لا نص عليه، بل هو بحسب فهمهم للآية وسياقها، وعليه: فتقدير الجملة المحذوفة غير مطرد (٤).

فالأَوْلى أن يكون العطف على ما سبق لا على جملة مُقدرة، أي: وَألم تُؤمن، وهذا مذهب جمهور النحويين في (أوَلمَ) ونحوها: أن الواو فيها حرف عطف، والجملة التي بعد العاطف معطوفة على ما قبلها، وليس هناك جملة محذوفة بين الهمزة والعاطف (٥).

والهمزة في الأصل بعد العاطف، ولكنّها قُدمت تنبيهًا على أصالتها في التصدير (٦).

وعليه: فاستدراك السمين على ابن عطية في محله؛ إذ جعْلُ الواو للحال قولٌ فيه بُعد كما تمّ بيانه.

* * *


(١) فتح القدير (١: ٣٢٣).
(٢) ينظر: الدر المصون (٢: ٥٧٣)، تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (٣: ٢٩٨).
(٣) ينظر: تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (٣: ٢٩٨).
(٤) ينظر: مختصر مغني اللبيب، لمحمد العثيمين (ص: ٧).
(٥) ينظر: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك، للمرادي (٢: ١٠٣٣)، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام (١: ٢٢)، حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك (٣: ١٥٤).
(٦) ينظر: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام (١: ٢٢)، همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، للسيوطي (٢: ٥٨٢)، حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك (٣: ١٥٤).

<<  <   >  >>