للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال مكيّ: "جواب لولا محذوف، والتقدير: لولا أن يقول هؤلاء الذين أرسلناك إليهم يا محمد إذا حلّ عليهم العذاب على كفرهم قبل إرسالك إليهم: هلاّ أرسلت إلينا رسولاً من قبل أن يحل بنا سخطك {فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ لعاجلهم العذاب". اهـ (١)

وقال ابنُ عطية: "جواب {لَوْلا} محذوف يقتضيه الكلام، تقديره: لعاجلناهم بما يستحقونه". اهـ (٢)

وقال ابنُ الجوزي: "جواب {لَوْلا} محذوف، تقديره: لولا أنهم يحتجُّون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة". اهـ (٣)

واعترض السمينُ الحلبي على هذا التقدير قائلاً: "ولا معنى لهذا ". اهـ (٤)

والراجح: أن جواب الشرط محذوف، تقديره: لما أرسلنا رسلاً، ويَبعُد أن يكون المعنى: لولا قولهم واحتجاجهم لعاجلناهم بالعقوبة، فالتقدير الثاني الذي ذكره ابنُ عطية وغيره ليس له ما يقويه، بخلاف التقدير الأول، فقد ورد في مواضع أخرى مِن القرآن آياتٌ معناها يقوي التقدير الأول، وفيها إثبات أنّ إرسال الرسل جاء قطعاً لمعاذير القوم وإلزاماً للحجة عليهم، حتى لا يقولوا: ما جاءنا مِن رسول، ولولا قولهم هذا لما أرسل الله الرسلَ إليهم رسولاً بعد آخر، قال - تعالى-: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}


(١) الهداية إلى بلوغ النهاية (٨: ٥٥٤٢).
(٢) المحرر الوجيز (٤: ٢٩٠).
(٣) زاد المسير (٣: ٣٨٦).
(٤) الدر المصون (٨: ٦٨٢).

<<  <   >  >>