للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبيّن وجهَ فساد المعنى على هذا الإعراب عددٌ من العلماء، منهم: السمين الحلبي (١)، وابن هشام (٢)، وأبو السعود (٣)، وابن عجيبة (٤).

قال السمين: "ووجهُ الفسادِ - والله أعلم- أنَّ القُرْبان اسمٌ لِما يُتَقرَّبُ به إلى الإله، فلو جعلناه مفعولاً ثانياً، وآلهةً بدلاً منه لَزِمَ أنْ يكونَ الشيءُ المتقرَّبُ به آلهةً، والفَرضُ أنه غيرُ الآلهةِ، بل هو شيءٌ يُتقرَّب به إليها فهو غيرُها، فكيف تكون الآلهةُ بدلاً منه؟ هذا ما لا يجوزُ". اهـ (٥)

وقال ابنُ هشام: " وَوجهه أَنهم إِذا ذموا على اتخاذهم قربانًا من دون الله اقتضى مفهومه الحث على أن يتخذوا الله -سبحانه- قربانا كما أنّك إذا قلت: "أتتخذ فلانًا معلما دوني" كنتَ آمرا لهُ أن يتخذك معلمًا له دونه والله -تعالى- يتقرَّب إليه بغيره، ولا يتقرب به إلى غيره". اهـ (٦)

وقال أبو السعود: "ولا مساغَ لجعلِ {قُرْبَانًا} مفعولاً ثانياً و {آلِهَةً} بدلاً منه لفسادِ المعنى؛ فإنَّ البدلَ وإن كان هو المقصود لكنه لابد في غير بدل الغلط من صحة المعنى بدونه، ولا ريب أن في قولنا: اتخذوهم من دون الله قرباناً أي: متقربًا به مما لا صحة له قطعًا؛ لأنه - تعالى- متقرب إليه لا متقرب به، فلا يصح أنهم اتخذوهم قرباناً متجاوزين الله في ذلك".اهـ (٧)


(١) ينظر: الدر المصون (٩: ٦٧٧).
(٢) ينظر: مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (١: ٦٩٥).
(٣) ينظر: تفسير أبي السعود (٨: ٨٧).
(٤) ينظر: البحر المديد في تفسير القرآن المجيد (٥: ٣٤٣).
(٥) الدر المصون (٩: ٦٧٧).
(٦) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب (١: ٦٩٥).
(٧) تفسير أبي السعود (٨: ٨٧).

<<  <   >  >>