للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عبد الرحمن الأنباري: " {لا} نافية لا ناهية، ولهذا كان {يَمَسُّهُ} مرفوعًا، ويكون المراد بقوله: {الْمُطَهَّرُونَ} الملائكة". اهـ (١)

وجملة: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} صفة لـ {كِتَاب}، والضمير في {لَا يَمَسُّهُ} عائد على الكتاب المكنون؛ لأنه أقرب مذكور. (٢)

وزاد بعضهم فقالوا: هو نفي ومعناه النهي (٣)؛ كقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]؛ فالجملة خبرية، ومعناها: الأمر، وكقوله - صلى الله عليه وسلم-: ... (المسلمُ أخُو المسلمِ لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ) (٤) والمعنى: لا ينبغي له أن يظلمه.

ويؤيد أنّ معناها النهي ما جاء في كتاب عمرو بن حزم (٥): (أنْ لا يمسّ القرآن إلا طاهر) (٦).


(١) البيان في إعراب غريب القرآن (٢: ٣٤٨).
(٢) ينظر: تفسير ابن جزي (٢: ٣٣٩)، فقه السنة، لسيد سابق (١: ٥٧).
(٣) ينظر: أحكام القرآن، للجصاص (٥: ٣٠٠)، تفسير الثعلبي (٩: ٢١٩)، تفسير البغوي (٥: ١٩)، تفسير القرطبي (١٧: ٢٢٥)، تفسير ابن جزي (٢: ٣٣٩)، السراج المنير، للخطيب الشربيني (٤: ١٩٥)، التفسير المنير، للزحيلي (٢٧: ٢٧٥).
(٤) متفق عليه: رواه البخاري في صحيحه (٣: ١٢٨)، كتاب: المظالم، باب: لا يظلم المسلمُ المسلمَ ولا يُسْلِمُهُ، ح (٢٤٤٢)، ورواه مسلم في صحيحه (٤: ١٩٩٦): كتاب: البر والصلة، باب: تحريم الظلم، ح (٢٥٨٠).
(٥) عَمْرو بن حَزْم بن زَيد الخَزرجيّ الأنصاريّ، أبو الضحاك، صحابيّ جليل، شهد الخندق وما بعدها، واستعمله رسول الله على نجران، وروى عنه كتاباً كتبه له فيه الفرائض والزكاة والديات وغير ذلك، توفي ٥٣ هـ. ينظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البَرّ (٣: ١١٧٢)، أسد الغابة، لابن الأثير (٤: ٢٠٢)، الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر (٤: ٥١١).
(٦) رواه مالك في الموطأ -رواية محمد بن الحسن- (١: ١٠٦)، باب: الرجل يمس القرآن وهو على غير طهارة، ح (٢٩٧)، والدارمي في سننه (٣: ١٤٥٥) كتاب الطلاق، باب: لا طلاق قبل نكاح، ح (٢٣١٢)، وأبو داود في المراسيل (ص: ١٢٢) باب: من الصلاة، ح (٩٤)، والدارقطني في سننه (١: ٢١٩) كتاب الطهارة، باب: نهي المحدث عن مس القرآن، ح (٤٣٩)، والبيهقي في سننه الكبرى (١: ١٤١)، كتاب الطهارة، باب: نهي المحدث عن مَسِّ المصحف، ح (٤٠٩)، والحديث له عدة طرق أغلبها مرسل وما جاء موصولاً ففي إسناده ضعف يسير، وطرقه يقوي بعضها بعضاً، ولذلك صححه عدد من العلماء واحتجوا به. ينظر: إرواء الغليل، للألباني (١: ١٦٠).

<<  <   >  >>