للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضعّف ابنُ عطية أن يكون قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} نهياً؛ وذلك أنَّه إذا كان خبرًا فهو في موضع الصفة، وقوله بعد ذلك: {تَنْزِيلٌ}: صفة أيضًا، فإذا جعلناه نهيًا جاء معنى أجنبيًا معترضًا بين الصفات (١).

وردَّ عليه السمينُ قائلاً: "وليس فيما ذكرَه ضَعْفٌ لهذا القول؛ لأنَّا لا نُسَلِّم أنَّ {تَنْزِيلٌ} صفةٌ، بل هو خبرُ مبتدأ محذوفٍ، أي: هو تنزيلٌ فلا يَلْزَم ما ذَكرَه من الاعتراضِ.

ولَئِنْ سَلَّمْنَا أنه صفةٌ فـ {لَا يَمَسُّهُ} صفةٌ أيضاً، فيُعْترض علينا: بأنه طلبٌ، فيُجاب: بأنه على إضمارِ القولِ أي: مقولٌ فيه: لا يمسُّه". اهـ (٢)

وما ذكره السمين في دفاعه عن هذا القول بأن {تَنْزِيلٌ} خبر لمبتدأ محذوف؛ فذلك جائز.

أمّا قوله بأن جملة: {لَا يَمَسُّهُ} فيها إضمار قول، فهذا احتمال بعيد ولا حاجة للقول بالإضمار.

والعلة التي ذكرها ابنُ عطية في تضعيف هذا القول ليست علة قوية، فهذا الوجه ضعيف من وجوه أظهر وأقوى من ذلك، سيأتي ذكرها في الترجيح.

والقول الثالث في هذه المسألة: التفصيل؛ فإن كان قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} صفة للكتاب الذي في السماء، فذلك نفي، والمطهرون هم الملائكة، وإن كان


(١) ينظر: المحرر الوجيز (٥: ٢٥٢).
(٢) الدر المصون (١٠: ٢٢٥).

<<  <   >  >>