للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جعل الزمخشري ما جاء في هذه الآية من باب الالتفات من لفظ الغائب إلى المتكلم؛ حيث قال: " {فَأَخْرَجْنَا} انتقل فيه من لفظ الغيبة إلى لفظ المتكلم المطاع، لما ذكرت من الافتنان والإيذان بأنه مطاع تنقاد الأشياء المختلفة لأمره، وتذعن الأجناس المتفاوتة لمشيئته، لا يمتنع شيء على إرادته".اهـ (١)

وناقشه ابنُ المُنيّر بأن الالتفات إنما يكون في كلام المتكلم الواحد يُصرّف كلامه على وجوه شتى، وهذا ليس منه، فإن الله قصَّ عن موسى قولَه لفرعون: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: ٥٢] ثم قوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا} إلى قوله: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} إمّا أن يُجعل مِن قول موسى فيكون من باب قول خواص الملك أي: أمرنا وفعلنا، وليس هذا بالتفات، وإما أن يكون كلام موسى قد انتهى عند قوله: {وَلَا يَنْسَى}، ثم ابتدأ الله -تعالى- وصف ذاته، فليس التفاتاً أيضاً، وإنما هو انتقال من حكاية إلى إنشاء خطاب (٢).

٣ - أنّ ما جاء في الآية كله من تمام كلام موسى - عليه السلام-.


(١) تفسير الزمخشري (٣: ٦٨).
(٢) ينظر: حاشية ابن المنير على تفسير الزمخشري (٣: ٦٨).

<<  <   >  >>