للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حين، أي: حين آتيتكم بعض الكتاب والحكمة ثم جاءكم رسولٌ مصدِّق وَجَبَ عليكم الإِيمانُ به ونصرتُه" (١).

وقال ابن عطية: "ويظهر أن (لمَّا) هذه هي الظرفيةُ أي: لَمَّا كنتم بهذه الحالِ رؤساءَ الناس وأماثِلَهم أخذ عليكم الميثاق، إذ على القادة يُؤْخَذ، فيجيء على هذا المعنى كالمعنى في قراءة حمزة" (٢)، فقدَّر ابن عطية جوابَها من جنس ما سبقها، وهذا الذي ذهبا إليه مذهب مرجوح قال به الفارسي (٣)، والجمهور: سيبويه وأتباعُه على خلافه" (٤).

ثم ذكر السمينُ قولاً آخر في توجيه القراءة فقال: "والثالث: أنَّ الأصلَ: (لَمِنْ ما) فأدغمت النون في الميم لأنها تقاربُها، والإِدغامُ هنا واجب، ولما اجتمع ثلاثُ ميمات: ميم (مِنْ)، وميم (ما)، والميم التي انقلبت من نون (مِن) لأجل الإِدغام فحصل ثقل في اللفظ.

قال الزمخشري: "فحذفوا إحداها" (٥)، قال الشيخ: وفيه إبهامٌ (٦)، وقد عَيَّنها ابن عطية بأن المحذوفة هي الأولى.

قلت: وفيه نظر، لأنَّ الثقلَ إنما حصل بما بعد الأولى، ولذلك كان الصحيح في نظائره إنما هو حَذْفُ الثواني نحو: (تَنَزَّل) (٧) و (تَذَكَّرون) (٨).


(١) تفسير الزمخشري (١: ٣٨٠).
(٢) المحرر الوجيز (١: ٤٦٥).
(٣) ذهب الفارسي إلى أنها اسم خلافاً لسيبويه الذي قال بأنها حرف. ينظر: الحجة للقراء السبعة، لأبي علي الفارسي (٣: ٦٥).
(٤) الدر المصون (٣: ٢٩٠).
(٥) تفسير الزمخشري (١: ٣٨٠).
(٦) ينظر: تفسير أبي حيان (٣: ٢٤١).
(٧) كما في قوله - تعالى-: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} [الشعراء: ٢٢١] أصلها: تتنزلُ، وأغلب المفسرين يقولون: حذفت إحدى التاءين؛ دون تعيين. ينظر: تفسير أبي السعود (٦: ٢٦٨)، فتح القدير، للشوكاني (٤: ١٣٩).
(٨) كما في قوله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام: ١٥٢] أصلها: تتذكرون. ينظر: تفسير السمرقندي (١: ٤٩٤)، تفسير أبي حيان (٤: ٦٩٠).

<<  <   >  >>