للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَا رَأَيْتُ سَمَاعًا سُمِعَ مِنْ سُفْيَانَ أَقَلَّ خَطَأً وَسَقْطًا مِنْهُ.

قَالَ: وَسَمِعْتُ عِيسَى بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: كُنْتُ بِمَكَّةَ فَجِئْتُ إِلَى سُفْيَانَ أَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِي- وَكَانَ يُعْنَى بأمري للولاء- فَقَدْ ضَاقَتْ بِي مَكَّةُ وَعَزَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى فِرْيَابَ. قَالَ: وَيْحَكَ لَا تَفْعَلْ وَتَعَالَ نَشْتَرِي لَكَ سَفَطًا وَفَارِزَيْنِ وَنَتَوَجَّهُ إِلَى الشَّامَاتِ. فقلت: يا أبا عبد الله لَوْ رَأَيْتَ أَنْ أَخْرُجَ مَعَكَ إِلَى الْكُوفَةِ عَلَى أَنَّكَ تُحَدِّثُنِي كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ. قَالَ لِي فَاخْرُجْ. قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُ وَنَزَلْتُ مَعَهُ أَوْ بِقُرْبِهِ، فَكَانَ يُمْلِي عَلَيَّ، وَرُبَّمَا قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَذْهَبَ إِلَى شَيْخٍ فَتَعَالَ مَعِي. فَأَقُولُ لَهُ: اذْهَبْ فَاسْمَعْ وَإِذَا رَجَعْتَ فَحَدِّثْنِي أَنْتَ عَنْهُ. قَالَ: فَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

قَالَ: وقال لي عيسى: فكان الفريابي يرى أن سماعه أصح من سماع أصحاب سفيان.

قال: وقال عِيسَى: وَكَانَ قُدُومِي عَلَيْهِ أَيَّامَ الْفِتَنِ قَبْلَ خروج عبد الله ابن طاهر الى الشام ومصر، فلما قَدِمْتُ عَلَيْهِ جَعَلَ يَتَعَجَّبُ وَيَقُولُ:

غَرَّرْتَ بِنَفْسِكَ. قال ورأيت هيأته لَا تُشْبِهُ هَيْئَةَ الْمُحَدِّثِينَ فَنَدِمْتُ عَلَى خُرُوجِي إِلَيْهِ، فَلَمَّا خَبَرْتُهُ [١] وَخُضْتُ مَعَهُ وَفَاتَحْتُهُ وَجَدْتُ الخبر غير النظر.

حدثني محمد بن بن عبد الرحيم صاعقة قال: سمعت علي: قال لي يحي: كَتَبَ لِي شُعْبَةُ إِلَى سُفْيَانَ حِينَ خَرَجْتُ إِلَى الْكُوفَةِ. قَالَ:

فَاحْتَبَسْتُ نَحْوًا مِنْ شَهْرٍ وَأَكْثَرَ لَمْ أَذْهَبْ إِلَيْهِ حِينَ قَدِمْتُ إِلَّا بَعْدُ، فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ: أَنْتَ هَاهُنَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: اكْتُبْ إِلَيَّ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ فِي الدُّعَاءِ، فَأَمْلَاهُ عَلَيَّ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا الْبَصْرَةَ سَكَتَ فِي حَرْفٍ منه فسألت عَنْهُ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَمْلَيْتُهُ عَلَيْكَ. قَالَ يحي: لَمَّا قَدِمَ نَزَلَ بِجَنْبِي وَبَعَثَ إِلَيَّ فَلَمَّا رَآنِي قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ قَالَ: كُنْتَ


[١] في الأصل «قدرته» .

<<  <  ج: ص:  >  >>