في أحسن زي وأجمل ترتيب وأكمل عدّة مع ولده صاحب حلب وسابق الدين صاحب شيزر ومجد الدين صاحب بعلبك، وكان السلطان التاث مزاجه الكريم بحمى صفراوية، فركب في ذلك اليوم وكان عيداً من وجوه متعددة، وفي ذلك اليوم زحف العدو على البلد في خلق لا يحصي عددهم إلاّ الله، فأهملهم أهل البلد وشجعان المقاتلة الذين فيه وذوو الآراء المثقفة من مقدمي المسلمين حتى نشبت مخاليب أطماعهم في البلد وسحبوا آلاتهم المذكورة حتى قاربوا أن يلصقوها بالسور، وتحصن منهم في الخندق جماعة عظيمة، وأطلقوا عليهم سهام الجروح وأحجار المنجنيق وأقواس الرمي والنيران وصاحوا عليهم صيحة الرجل الواحد وفتحوا الأبواب وباعوا نفوسهم لخالقها وبارئها. ورضوا بالصفقة الموعود بها، وهجموا على العدو من كل جانب وكبسوهم في الخنادق، وأوقع الله الرعب في قلب العدو، وأعطه ظهره الهزيمة وأخذوا مشتدين هاربين. على أعقابهم ناكصين. يطلبون خيامهم والاحتماء بأسوارهم