وكان الرجل إذا أراد أن يتقرب إليه يحثه على الجهاد وأنا ممن جمع له فيه كتاباً جمعت فيه آدابه وكل آية وردت فيه وكل حديث روي في فضله وشرحت غريبها.
وكان رحمه الله كثيراً ما يطالعه حتى أخذه منه ولده الملك الأفضل عز نصره ولأحكينّ عنه ما سمعته منه وذلك أنه كان قد أخذ كوكب في ذي القعدة سنة أربع وثمانين وخمسمائة وأعطى العسكر دستوراً وأخذ عسكر مصر في العود إلى مصر وكان مقدمها أخاه الملك العادل عز نصره فسار معه ليودعه ويحظى بصلاة العيد في القدس الشريف حرسه الله تعالى وسرنا في خدمته. ولما صلى العيد في القدس وقع له أن يمضي إلى عسقلان ويودعهم بعسقلان ثم يعود على طريق الساحل يتفقد البلاد الساحلية إلى عكا ويرتب أحوالها فأشاروا عليه أن يفعل فإن العساكر إذا فارقتنا نبقى في عدة يسيرة والفرنج كلهم بصور وهذه مخاطرة عظيمة فلم يلتفت رحمه الله وودع أخاه والعسكر بعسقلان ثم سرنا في خدمته إلى الساحل طالبي عكا. وكان الزمان شتاء والبحر هائجاً شديداً وموجه كالجبال كما قال تعالى وكنت حديث عهد برؤية البحر فعظم أمر البحر عندي حتى خيل لي أني