لو قال لي إن جزت في البحر ميلاً واحداً ملكتك الدنيا لما كنت أفعل واستسخفت رأي من ركب البحر رجاء دينار أو درهم واستحسنت رأي من لا يقبل شهادة راكب بحر هذا كله خطر لي لعظم الهول الذي شاهدته من حركة البحر فبينا أنا في ذلك إذ التفت إلي رحمه الله. وقال أما أحكي لك شيئاً في نفسي أنه متى يسر الله تعالى فتح بقية الساحل قسمت البلاد وأوصيت وودعت وركبت هذا البحر إلى جزائره واتبعتهم فيها حتى لا أبقي على وجه الأرض من يكفر بالله أو أموت فعظم وقع هذا الكلام عندي حيث ناقض ما كان خطر لي وقلت له ليس في الأرض أشجع نفساً من المولى ولا أقوى منه نية في نصرة دين الله تعالى فقال فكيف فقلت أما الشجاعة فلأن مولانا ما يهوله أمر هذا البحر وهوله. وأما نصرة دين الله فهو أن المولى ما يقنع بقلع أعداء الله من موضع مخصوص في الأرض حتى تطهر جميع الأرض منهم