أمكن، فاتفق أن العسكر وصل الحسي قبل وصول العدو عليه، فلم يقيموا عليه وساروا حتى وصلوا القفل والعسكر المصري فأتوا بالقفل على ذلك الطريق ثقة منهم بأنهم لم يجدوا فيه ذاعراً ولا أحسوا فيه بمخوف فرغبوا في قرب الطريق وسلكوا بالناس هذا الطريق حتى وصلوا إلى ماء الخويلفة، وتفرق الناس لأجل الماء، فأخبر العرب العدو بذلك وهو نازل برأس الحسي، فقام من وقته وسرى حتى أتاهم قبيل الصبح، وكان مقدم العسكر فلك الدين أخو الملك العادل لأمه، فأشار أسلم بالمسير ليلاً للطريق واستظهارا بالصعود إلى الجبل، فخاف فلك الدين أنه إن رحل بالليل جرى أمر على القافلة لتبددها فنادى في الناس أن لا يرحلوا إلى الصباح.
وأما الأنكتار فبلغنا أنه لما بلغه الخبر لم يصدقه وركب مع العرب بجمع يسير، وسار حتى أتى القفل فطاف حوله في صورة عربي ورآهم ساكنين قد غشيهم النعاس فعاد واستركب عسكره، وكانت الكبسة قريب الصباح فبغت الناس ووقع عليهم بخيله ورجله، وكان الشجاع هو الذي ركب فرسه ونجا بنفسه، وانهزم الناس إلى جهة القفل والعدو يتلوهم، فلما رأوا القفل أعرضوا عن قتال العسكر وطلبوا القفل فانقسم القفل ثلاثة أقسام قسم قصدوا الكرك مع جماعة من العرب وعسكر الملك العادل وقسم أوغلوا في البرية مع جماعة من العرب أيضاً. وقسم استولى عليهم العدو فساقهم بجمالهم وأحمالهم وجميع ما كان معهم، وكانت وقعة شنعاء لم يصب الإسلام بمثلها من مدة مديدة. وكان في العسكر المصري جماعة من المذكورين كحسين الجراحي وفلك الدين وبني الجاولي وغيرهم من المذكورين. وقتل من العدو زهاء مائتي فارس على رواية، وعشرة انفس على رواية. ولم يقتل من المسلمين معروف سوى الحاجب يوسف وابن الجاولي الصغير فإنهما استشهدا إلى رحمة الله تعالى، وتبدد الناس في البرية ورموا