وكان رحمه الله جالساً في باب الخركاه بحيث لا يستطيع أحد الدخول إليها والدواة في صدرها والخركاه كبيرة فقال له المخاطب هذه الدواة في صدر الخركاه وليس لهذا معنى إلا أمره إياه بإحضار الدواة لا غير فالتفت رحمه الله فرأى الدواة فقال والله لقد صدق ثم امتد على يده اليسرى ومد يده اليمنى فأحضرها ووقع له فقلت قال الله تعالى في حق نبيه صلّى الله عليه وسلّم وإنك لعلى خلق عظيم. وما أرى المولى إلا قد شاركه في هذا الخلق فقال ما ضرنا شيئاً قضينا حاجته وحصل الثواب ولو وقعت هذه المواقعة لآحاد الناس وأفرادهم لقام وقعد ومن الذي يقدر أن يخاطب أحداً هو تحت حكمه بمثل ذلك وهذا غاية الإحسان والحلم والله لا يضيع أجر المحسنين.
ولقد كانت طراحته تداس عند التزاحم عليه لعرض القصص وهو لا يتأثر لذلك ولقد نفرت يوماً بلغتي من الجمال وأنا راكب في خدمته فزحمت وركه حتى آلمته وهو يتبسم رحمه الله. ولقد دخلت بين يديه في يوم ريح مطير إلى القدس الشريف وهو كثير الوحل فنضحت البغلة عليه من الطين حتى أتلفت جميع ما كان عليه وهو يتبسم وأردت التأخر عنه بسبب ذلك فما تركني.