ولقد كان يسمع من المستغيثين والمتظلمين أغلظ ما يمكن أن يسمع ويلقى ذلك بالنشر والقبول. وهذه حكاية يندر أن يسطر وذلك أنه كان قد اتجه أخو ملك الإفرنج خذلهم الله إلى يافا فإن العسكر كان قد رحل عنهم وبعد وتراجع إلى النطرون وهو مكان بينه وبين يافا للعسكر مرحلتان للمجدّ وثلاث معتادة وجمع رحمه الله العسكر ومضى إلى قيسارية يلتقي نجدتهم عساه يبلغ منهم غرضاً وعلم الإفرنج الذين كانوا بيافا ذلك وكان بها الأنكتار ومعه جماعة فجهز معظم من كان عنده في المراكب إلى قيسارية خشية على النجدة أن يتم عليها أمر وبقى الأنكتار في نفر يسير لعلمهم ببعده رحمه الله عنهم وبعد العسكر، ولما وصل رحمه الله إلى قيسارية ورأى النجدة قد وصلت إلى البلد واحتمت به وعلم أنه لا ينال منهم غرضه سرى من ليلته في أول الليل إلى آخره حتى أتى يافا صباحاً والأنكتار في سبعة عشر فارساً وثلاثمائة راجل نازلاً خارج البلد في خيمة له فصبحه العسكر صباحاً فركب الملعون وكان شجاعاً باسلاً صاحب رأي في الحرب وثبت بين يدي العسكر ولم يدخل البلد فاستدار العسكر الإسلامي بهم إلا من جهة البحر وتعبى العسكر تعبية القتال وأمر السلطان العسكر بالحملة انتهازاً للفرصة فأجابه بعض الأكراد بكلام فيه خشونة تعتب لعدم التوفير في إقطاعه فعطف رحمه الله عنان فرسه كالمغضب لعلمه أنهم