للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثانية: عدم خشيته وخوفه من غير الله]

إن القلب الذي تعلق بربه لا يخشى أحدًا سواه، ولا يرهب من صولة الباطل، بل يزيده ذلك ثباتًا وصدقًا مع الله، قال الله تعالى عن الصادقين الذين حاول الأعداء أن يخوفوِّهم بقوة أهل الكفر وإمكاناتهم وعدتهم وعددهم، فقال المؤمنون الصادقون كما ذكر الله عنهم: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٧٢ - ١٧٥].

[المسألة الثالثة: كثرة ذكره لله تعالى]

ومما يدل على تعلق القلب بالله كثرة ذكر الله على كل الأحوال، كما قال تعالى عن القلوب التي أحبت الله وتعلقت به: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٩١].

والآية تدل على حال أولي الألباب المحبين لله، في صلاتهم، وفي سائر أحوالهم؛ يدامون على ذكر الله بالقلب واللسان في جميع الأحوال؛ لأن الإنسان قلَّ أن يخلو عن واحد من هذه الحالات الثلاث (١).

وعَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» (٢).

والحديث يدل على جواز ذكر الله على كل الأحوال وفي كل الأحيان: متطهرًا، ومحدثًا، وجنبًا، وقائمًا، وقاعدًا، ومضطجعًا، وماشيًا، إلا أنه يستثنى من ذلك حال الجلوس على البول


(١) ينظر: تفسير البغوي (٢/ ١٥٢)، وتفسير السعدي (١٦١).
(٢) أخرجه مسلم (١/ ٢٨٢) ح (٣٧٣).

<<  <   >  >>