وتأمل في هذه الأمثلة ترى مظاهر التضرع فيها واضحة وتعلق القلب بالله، مع الإخلاص لله تعالى، وهم مع ذلك في بعد عن الله ولكن من رحمته أنه إذا أخلص العبد في دعائه وتضرعه فمن رحمته أنه لا يرده، فافرح أيها المسلم بهذا الباب العظيم الذي فتح فادخل منه على ربك وعلق قلبك به ترى العجب من فضله وبركاته عليك.
[المطلب الخامس: الخوف والطمع عند الدعاء.]
وهذه حقيقة عظيمة ترتبط بهذه العبادة، قال تعالى: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٦].
"﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ أي: خوفاً من عقابه، وطمعاً في ثوابه، طمعاً في قبولها، وخوفاً من ردها، لا دعاء عبد مدل على ربه قد أعجبته نفسه، ونزل نفسه فوق منزلته، أو دعاء من هو غافل لاهٍ"(١).
وفي هذه الحال حين يقع الدعاء على هاتين الصفتين العظيمتين ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ فلا بد أن يكون هناك توافق بين القلب واللسان حتى يحصل هذا العمل القلبي الخوف من الله والرجاء.
ولهذا وصف الله الأنبياء ومن سار على طريقهم من عباده الصالحين بما يأتي: