للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الخامس: اتباع الهوى ومجالسة أهل البدع والأهواء.]

اتباع الهوى من الأبواب التي يحصل من خلالها الانحراف عن العقيدة الصحيحة، وحصول الشرك من دعاء غير الله والأذكار المحدثة، وكذلك مما يلحق باتباع الهوى مجالسة أهله الذين يزينون للناس الباطل واتباع الأهواء، قال الله تعالى محذراً من اتباع الهوى: ﴿وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [ص: ٢٦].

وذكر الله في كتابه ثمرة الخوف من الله ونهي النفس عن الهوى، فقال سبحانه: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤٠ - ٤١].

أما مجالسة أهل الاهواء فهي الداء الدوي والسم القوي الذي يسري إلى القلوب فيدمر ما فيها من خير ويجذبها إلى أهل الباطل ويزين مجالسهم، فحينئذ يصاب من يجالسهم بقسوة القلب وظلمته وتنفذ إلى قلبه وتتخطفه الشبه، ويصير القلب مثل الإسفنجة التي تتشرب بما حولها من القذى والقذر، فيحدث الهلاك والخسارة، ولهذا لا تستغرب تحذير السلف من مجالسة أهل الأهواء، والتنفير الشديد عن ذلك، مع قوة علمهم وقوة إيمانهم إلا أنهم كانوا يحذرون ويجذّرون من مجالسة أهل الأهواء؛ لأن القلوب ضعيفة والشبه خطافة.

لإن مجالسة أهل الأهواء تفسد القلب وتمرضه، فلا يجد لذة في العبادة، وتذهب منه حلاوتها، وتجعله يفهم القرآن والسنة على منهج أهل البدع الذين يجالسهم فيتشرب فهمهم المنحرف للقرآن والسنة، ويصبح من دعاة الباطل المدافعين عنه وهو لا يشعر، ولذا ينبغي الحذر من مجالستهم لمن أراد السلامة لقلبه، وقد حذر النبي أمته من هؤلاء، وبين خوفهم على أمته منهم، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «تَلَا رَسُولُ اللهِ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ

<<  <   >  >>