للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السادس: من أسباب الانحراف في عبادة الذكر والدعاء، وفيه عدة مطالب (١).

[المطلب الأول: الجهل والإعراض عن الكتاب والسنة.]

و الجهل أعظم بيئة تنشر فيها الانحرافات في قضايا العبادة كالذكر والدعاء، فإذا قل العلم الشرعي المبني على الدليل من الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وقل العلماء الحاملون له العاملون به القائمون بواجب النصيحة للأمة، فحينئذ تتفشى البدع والمحدثات، وينحرف الناس عن المنهج النبوي والصراط المستقيم الذي رسمه النبي لأمته وتركها عليها إلى طرق الضلال والبدع التي حذر منها أمته أعظم تحذير وأنذر وأعذر أمام ربه في حجة الوداع، ودونك النصوص الدالة على ذلك من كتاب الله وسنة نبيه :

قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣].

وقد فسر النبي هذه الآية، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود قَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللهِ خَطًّا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللهِ مُسْتَقِيمًا»، قَالَ: ثُمَّ خَطَّ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذِهِ السُّبُلُ، لَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ " (٢).


(١) ينظر في هذه الأسباب الكتاب القيم الماتع وهو رسالة علمية متينة رصينة: الدعاء ومنزلته في العقيدة الإسلامية (١/ ٤٣٨ - ٤٧٩).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٧/ ٤٣٦) ح (٤٤٣٧)، وابن حبان في صحيحه (١/ ١٨٠) ح (٦)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٢٦١) ح (٢٩٣٨) وصححه ووافقه الذهبي، وقال في مجمع الزوائد (٧/ ٢٢) ح (١١٠٠٥): "رواه أحمد والبزار، وفيه عاصم بن بهدلة، وهو ثقة، وفيه ضعف"، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح (١/ ٥٨) ح (١٦٦)، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند (٧/ ٤٣٦) ح (٤٤٣٧): "إسناده حسن من أجل عاصم، وهو ابن أبي النجود، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي بكر -وهو ابن عياش- فمن رجال البخاري، وأخرج له مسلم في المقدمة".

<<  <   >  >>