للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْخَاسِرُونَ﴾ [المنافقون: ٩]؛ فإن في ذلك تحذيراً من فتنة المنافقين الذين غفلوا عن ذكر الله ﷿، فوقعوا في النفاق.

وسئل بعض الصحابة عن الخوارج: أمنافقون هم؟ قال: لا، المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلاً (١).

فهذا من علامة النفاق: قلة ذكر الله ﷿، وكثرة ذكره أمان من النفاق، والله ﷿ أكرم من أن يبتلي قلباً ذاكراً بالنفاق، وإنما ذلك لقلوب غفلت عن ذكر الله ﷿ " (٢).

[المطلب الثامن: من أسباب زيادة الإيمان.]

وكثرة ذكر الله ودعاؤه من الأعمال الجليلة التي لها أثر كبير في زيادة إيمان العبد.

أجمع أئمة السلف على أن الإيمان يزيد وينقص (٣)، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، ولا شك أن الذكر والدعاء من أعظم الطاعات التي بها يزيد الإيمان ولاسيّما إذا اتفق القلب واللسان.

قال تعالى في بيان ذلك: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ [الأنفال: ٢].

وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٤].

وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ١٠٧ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا ١٠٨ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الإسراء: ١٠٧ - ١٠٩].


(١) مصنف ابن أبي شيبة (٧/ ٥٣٥ ت الحوت) رقم (٣٧٧٦٣) أثر عن علي بلفظ مقارب.
(٢) الوابل الصيب - ط عطاءات العلم (١/ ١٩٥ - ١٩٦).
(٣) وممن ذكر الإجماع ابن بطة في الإبانة الكبرى (٢/ ٨٣٢)، وابن عبد البر في التمهيد (٩/ ٢٣٨)، والبغوي في شرح السنة (١/ ٣٨ - ٣٩)، وابن تيمية في مجموع الفتاوى (٧/ ٦٧٢)، وابن كثير في تفسيره (١/ ١٦٥).

<<  <   >  >>