وقد نالوا بركة القرآن الكريم بتدبرهم لآياته كما قال تعالى، وهو يحث عباده على تدبر كتابه الذي أنزله من أجل ذلك، فقال ﷾: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: ٢٩].
وكيف لا يتأثرون بالقرآن وهو الذي لو نزل على الجبال لتصدعت من خشية الله؟! كما قال تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الحشر: ٢١].
فإذا تعلق القلب بالله أقبل على تلاوة كتابه متدبرًا له، يجد فيه طمأنينة قلبه وخشوعه، وزيادة إيمانه وثباته.
[المسألة الثامنة: كثرة التوبة والاستغفار]
ومن علامات تعلق القلب بالله تعالى: كثرة التوبة والاستغفار، فقلب العبد الموصول بربه يشعر بتقصيره في حق ربه، ويشعر بأثر الذنب، فهو دائم الاستغفار والتوبة، كما قال تعالى عن عباده المتقين: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٥].
وها هو سيد المرسلين وإمام المتقين وقدوة الناس أجمعين، يستغفر في المجلس الواحد ويطلب من ربه أن يتوب عليه مائة مرة، كما في الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ