للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السادس: زيادة تعلق القلب بالله والدار الآخرة.]

إن القلب المقبل على ذكر الله ودعائه، يزيد فيه تعلقه بربه والدار الآخرة، ولا يلتفت إلى الدنيا ولا تغره ولا تخدعه، بل هو يعرف الدنيا على حقيقتها، ويعرف الآخرة على حقيقتها، ويزن الدنيا بميزان العدل، فيسخرها من أجل مرضاة ربه والفوز بجنته، فلا تشغله وتلهيه الدنيا عن كثرة ذكر الله والإقبال على الدعاء مع حضور القلب، بل قلبه متعلق بربه والدار الآخرة، كما قال تعالى عنهم: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ٣٦ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ [النور: ٣٦ - ٣٧].

بل جاء التحذير من ذلك في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [المنافقون: ٩].

[المطلب السابع: كثرة الذكر والدعاء أمان من النفاق.]

قال ابن القيم عن هذه الفائدة العظيمة من فوائد كثرة الذكر: " أن كثرة ذكر الله ﷿ أمان من النفاق، فإن المنافقين قليلو الذكر لله ﷿.

قال الله ﷿ في المنافقين: ﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلا﴾ [النساء: ١٤٢].

وقال كعب: من أكثر ذكر الله ﷿ برئ من النفاق (١).

ولهذا -والله أعلم- ختم الله تعالى سورة المنافقين بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ


(١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٢/ ٩٨ ط الرشد) رقم الأثر (٥٧٢) وروي مرفوعاً إلى النبي ولا يصح.
ينظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (١١/ ٢٠٣) ح (٥١٢٠).

<<  <   >  >>