للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: من أعمال القلوب التي لها ارتباط وثيق بعبادة الذكر والدعاء، وفيه تمهيد وعدة مطالب.]

التمهيد: الارتباط الوثيق بين عمل القلب وعبادة الذكر والدعاء.

الذكر والدعاء من العبادات العظيمة التي لها ارتباط وثيق وعميق بعمل القلب كبقية العبادات، وذلك لأنه لعمل القلب أثر عظيم مبارك على هذه العبادة في شدة الاقبال عليها والاستمرار وعدم الانقطاع، فحين يرتبط اللسان مع القلب ويتصل كل منهما بالآخر عند الذكر والدعاء يكون لهذه العبادة لذة عظيمة وأثر مبارك على حياة العبد في الدنيا والآخرة، فإذا قوي الإخلاص والمتابعة ورزق العبد محبة الله والخوف والخشية والطمع فيما عنده، وتمكن اليقين من القلب وظهر أثره على العبد، فتجده يسارع ويسابق إلى كثرة ذكر الله وكثرة الدعاء والتضرع الخاشع، ودونك تفصيل لبعض أعمال القلب المرتبطة بعبادة الذكر والدعاء، والله الموفق والمعين.

[المطلب الأول: الإخلاص والمتابعة.]

[المسألة الأولى: الإخلاص وأثره على عبادة الذكر والدعاء.]

أولاً: تعريف الإخلاص:

لقد عرف الإخلاص بتعاريف كثيرة متقاربة، ومن أدقها تعريف الغزالي، فيقول عن الإخلاص بأنه: "تجريد قصد التقرب إلى الله عن جميع الشوائب" (١).

وعرفه ابن القيم بمجموعة من التعريفات من أدقها: "إفراد الحق بالقصد في الطاعة، وقيل: تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين، وقيل: الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق، ومن تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله" (٢).


(١) إحياء علوم الدين (٤/ ٣٧٩).
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٩١ - ٩٢).

<<  <   >  >>