للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال السعدي : "أي: ﴿هَذَا﴾ القرآن الكريم والذكر الحكيم ﴿بَصَائِرُ لِلنَّاسِ﴾ أي: يحصل به التبصرة في جميع الأمور للناس، فيحصل به الانتفاع للمؤمنين، والهدى والرحمة. ﴿لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ فيهتدون به إلى الصراط المستقيم في أصول الدين وفروعه، ويحصل به الخير والسرور والسعادة في الدنيا والآخرة، وهي الرحمة؛ فتزكو به نفوسهم، وتزداد به عقولهم، ويزيد به إيمانهم ويقينهم، وتقوم به الحجة على من أصر وعاند" (١).

ومما ورد في السنة عن اليقين حديث أبي هريرة : قال رسول الله : «فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ».

دل هذا الحديث على أنَّ من شروط كلمة التوحيد اليقينَ.

وعن شَدَّاد بْنِ أَوْسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ : «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ»، قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» (٢).

دل هذا الحديث على أن من شروط أثر سيد الاستغفار على صاحبه أن يقوله بيقين.

ثالثاً: أثر اليقين على عبادة الذكر والدعاء.

إذا تمكن اليقين من القلب طار فرحاً وشوقاً إلى ما يقربه من الله، وعلى رأس ذلك الإكثار من ذكره ودعائه، وشكره على نعمه.

وكذلك طار القلب خوفاً من عذاب الله، وليس شيء ينجي العبد من عذاب الله كمثل ذكر الله ودعائه.


(١) تفسير السعدي (٧٧٧).
(٢) أخرجه البخاري (٨/ ٦٧) ح (٦٣٠٦).

<<  <   >  >>