للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أعظم موانع استجابة الدعاء الوقوع في الحرام كما في الحديث السابق الذي ذكر فيه مجموعة من الآداب التي لا يرد معها الدعاء إلا إذا سد الباب بالوقوع في الحرام كما بيّن الحديث، وعليه إذا أراد العبد أن يرفع هذه الموانع أن يبادر برد المظالم إلى أهلها ويحدث توبة إلى الله صادقة يندم فيها على ما حصل منه، ويقلع عن الذنب، ويعقد العزم على عدم العودة إلى الذنب، وإذا الذنب يتعلق بحقوق الآخرين فليرد حقوقهم عليهم، أو يطلب العفو والسماح، وبهذا تفتح له أبواب استجابة الدعاء، وسيأتي مزيد بيان لذلك.

١٤ - الدعاء ثلاثاً.

من آداب الدعاء أن يدعو ثلاثاً، وهذا يدخل في باب الإلحاح على الله في الدعاء، وعن عبد الله بن مسعود : " كَانَ النَّبِيُّ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ ثَلَاثًا، وَيَسْتَغْفِرَ ثَلَاثًا " (١).

وهذا كذلك ادعى لحضور القلب وتدبره فيما يقوله اللسان من دعاء.

[١٥ - استقبال القبلة.]

من الآداب أن يستقبل الداعي القبلة عند دعائه، وهي قبلة الصلاة، وقد ورد في السنة ما يدل على ذلك، فعن عَبْدِ اللهِ بْنَ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ: «أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى يُصَلِّي، وَأَنَّهُ لَمَّا دَعَا أَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ، اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ» (٢).

وثبت استقبال القبلة في الدعاء في الحج في كل المناسك التي يدعى فيها في الحج والعمرة.

ولما دعى على قريش في مكة حينما وضعوا سلا الجزور على ظهرة استقبل الكعبة (٣).

ولما دعى النبي في غزوة بدر استقبل القبلة (٤).

كل هذه النصوص وغيرها تدل على أن قبلة الدعاء هي الكعبة، وهو من آداب الدعاء.


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٢٩٠ ط الرسالة) ح (٣٧٤٤)، وأبو داود (٢/ ٨٦ ت محيي الدين عبد الحميد) ح (١٥٢٤)، وقال محقق سنن أبي داود الأرناؤوط: "إسناده صحيح".
(٢) أخرجه البخاري (٢/ ٣١ ط السلطانية) ح (١٠٢٨)، ومسلم (٣/ ٢٣ ط التركية) ح (٨٩٤).
(٣) ينظر: صحيح البخاري (٥/ ٧٤ ط السلطانية) ح (٣٩٦٠).
(٤) ينظر: صحيح مسلم (٥/ ١٥٦ ط التركية) ح (١٧٦٣).

<<  <   >  >>