وأما الأدعية المشروعة فهي الدواء الناجع والبلسم الشافي للأدواء النفسية والأمراض القلبية والأهواء الشيطانية، فمن استبدل بها الأدعية المبتدعة فقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ثانياً: أن الأدعية المبتدعة تفوت على العبد الأجر العظيم والثواب الجزيل الذي يحصل لمن التزم بالأدعية الواردة وحافظ عليها وطبقها كما وردت، فإنه يحوز السبق، ويتعرض لنفحات الرب وجوده، بخلاف من يدعو بالأدعية المبتدعة، فإنه يفوت على نفسه الأجر والثواب ويعرضها لسخط الله وغضبه.
ثالثاً: عدم إجابة الأدعية المبتدعة مع أن الهدف والأساس للداعي في الغالب هو إجابة مطلوبه، ونيل مرغوبه، ودفع مرهوبه، والأدعية المبتدعة لا يجاب الداعي بها، ولا تكون متقبلة منه، وفي الحديث:" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "١.
رابعاً: أن الأدعية المبتدعة تشتمل غالبا على محذور شرعي، وقد يكون ذلك المحذور من وسائل الشرك وذرائعه؛ إذ البدعة تجر إلى الشرك والضلال، فمن الأدعية البدعية التي تجر إلى الشرك: التوسل البدعي، فهو الذي فتح الباب لدعاء غير الله والاستغاثة والاستمداد بغيره، وقد يكون ذلك المحذور اعتداء في الدعاء ومجاوزة للحد، وسوء أدب في خطاب الرب ومناجاته، وقد يكون ذلك المحذور ما يصحب تلك الأدعية من بدع أخرى من تحديدها بأوقات معينة وبصفات خاصة، ورفع الأصوات على نغمات معينة، وإيقاعات خاصة وأسجاع مصطنعة، وتراكيب ركيكة تمجها الأسماع، وتستقبحها القريحة السليمة.
خامساً: أن الأدعية المبتدعة من التزم بها واعتادها قلما يرجع عنها إلى الأدعية المشروعة، إلا إذا وفقه الله وأعانه وهداه إلى الخير، وذلك لأن القلوب متى اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن، حيث إن الملتزم بتلك الأدعية المبتدعة يعتقدها مشروعة ويدافع عنها، ولا يسمع إلى حجة ولا برهان.
سادساً: أن استعمال الأدعية البدعية، وترك الأدعية المشروعة من باب استبدال الخبيث بالطيب، والضاربالنافع، والشر بالخير، وهذا ولا ريب غبن فاحش، وتهور ظاهر، وخسارة فادحة.